شيع الملايين في فنزويلا امس الرئيس هوغو شافيز الى مثواه الاخير، الرئيس الذي انحاز الى الفقراء والقضايا العالمية العادلة وعلى رأسها قضية الصراع العربي ـ الاسرائيلي والعدوان الامريكي على العراق.
.شافيز كان من اليساريين القلائل في العالم الذي وصل الى الحكم عبر صناديق الاقتراع، واعيد انتخابه اكثر من مرة، رغم المؤامرات الامريكية المتعددة لاسقاطه، وتهيئة كل الظروف لفوز المعارضة اليمينية المحافظة.
الشعب الفلسطيني لا يمكن ان ينسى لهذا الرجل مواقفه الداعمة لقضيته العادلة، فقد كان الاكثر معارضة للعدوان الاسرائيلي، واغلق السفارة الاسرائيلية في كاراكاس، وايد الكفاح الفلسطيني العادل من اجل وضع نهاية للاحتلال.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان مصيبا عندما قال ان قضية فلسطين خسرت واحدا من ابرز داعميها في العالم باسره في وقت تراجع دعمها في كثير من الدول العربية بسبب حكومات رضخت للاملاءات الامريكية في الابتعاد عن هذه القضية المركزية.
الراحل شافيز كان شوكة في خاصرة امريكا وسياساتها التسلطية في امريكا الجنوبية، واستطاع ان يشكل جبهة قوية من الزعماء للتصدي لهذه السياسات تضم زعامات بوليفيا ونيكاراغوا وغيرهما.
وعندما نقول انه انحاز الى الفقراء فنعني بذلك توفير كل فرص العيش الكريم لهم، وباع نفط البلاد باسعار تشجيعية للدول الفقيرة في امريكا الجنوبية وبعض الدول الافريقية.
شعبية شافيز تراجعت عند بعض الحكومات العربية لمساندته زعماء ديكتاتوريين مثل معمر القذافي وبشار الاسد، واقام علاقات قوية مع ايران، ووقف الى جانب الاخيرة لكسر الحصار الاقتــصادي المفروض عليها، وساند حزب الله اللبناني في مواجهة العدوان الاسرائيلي الذي تعرض له لبنان صيف عام 2006.
فبينما كان بعض الزعماء العرب يتبارون للوقوف الى جانبه والتقاط الصور معه، وهو يرتدي قميصه الاحمر للاستفادة من شعبيته الطاغية انفض هؤلاء من حوله لانه كان من ابرز الرافضين لتدخل طائرات حلف الناتو في ليبيا لاطاحة صديقه معمر القذافي.
اختفاؤه من الساحة السياسية اثر مرضه العضال لاشهر، ثم بعد ذلك انتقاله الى دار البقاء بعد معاناة طويلة من المرض والعلاج الكيماوي اثار موجة من الارتياح في اوساط الادارة الامريكية حتى ان الرئيس باراك اوباما سارع للترحيب بالتعاون مع الرئيس القادم للبلاد.
كان امرا مؤلما ان يتجنب معظم الزعماء العرب المشاركة في تشييع هذا الزعيم الكبير، وان يكون الرئيس الايراني احمدي نجاد هو الوحيد تقريبا، فاذا كان هؤلاء يكنون العداء للزعيم الراحل لاختلافهم مع سياساته، فقد كان عليهم الحضور تضامنا مع الشعب الفنزويلي في محنته هذه في فقدان الزعيم الاكثر شعبية في تاريخه.
الامة العربية وقضاياها المصيرية خسرت صديقا شجاعا وقف معها في جميع قضاياها العادلة، وقف معها داخل منظمة الاوبك للحصول على اسعار عادلة لثرواتها النفطية، ووقف معها في وجه العدوانين، الامريكي في العراق والاسرائيلي في فلسطين المحتلة وقطاع غزة على وجه الخصوص.
رحم الله شافيز بطل الفقراء والمسحوقين وعزاؤنا ان ارثه هذا سيستمر لانه راسخ في قلب الملايين في امريكا الجنوبية والعالم باسره.
القدس