نتيجة لكثرة التدوينات حول الوحدة الوطنية ارتأيت أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع لعل ذلك يوضح بعض الالتباس عند بعضهم .. أولا .. مجتمع البيظان يتكون تقليديا من العرب والزوايا و تابعيهم ..
.
كلحراطين بالمفهوم الحقيقي وايكاون واللحمة أو ازناكه عند بعضهم ولمعلمين والأرقاء السابقين (لعبيد).
هذه التركيبة شرعها صاحب القلم (الزاوي) لصاحب السيف (العربي) وظل العرف ساريا بها بدون مشكلة تذكر حتى دخول المستعمر لهذه الربوع و إنشاء الدولة الحديثة، عندها اختلط الحابل بالنابل و جاءت الديمقراطية ولم يعد للعربي ولا للزاوي الدور المعروف تقليديا.
وأصبح كل منهما يخطب ود المستعمر والبعض منهما يريد أن يهيمن على الأخر سياسيا على الأقل و لا شك أن صاحب القلم (الزاوي) كان هو الفائز سياسيا.
و لعله من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن العرب ولأسباب معروفة اقتصاديا وعسكريا لا عبيد لهم بل معهم احراطين نبلاء يشاطرونهم كل شيء ويمثلون فخذا من قبيلتهم عند أكثر الإمارات الحسانية ولا يعتبرون في الهرم السفلي من المجتمع.
بل هم أسياد في نظر من يشار إليه من المحيط الاجتماعي الذي يضمهم ومن الضروري الإشارة إلى أن هؤلاء لحراطين أصبحوا مظلومين في ظل الدولة الحديثة بسبب جهل أكثر القيمين على الأمر بتاريخهم أو تجاهلهم له ...
ثانيا .. الله تبارك وتعالى يقول: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير".
و الرسول صلى الله عليه و سلم يقول: "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى".
و لعلي رضي الله عنه في هذا المعنى من شعره ..
الناس من جهة التمثيل أكفاء
أبوهم ادم و الأم حواء
نفس كنفس و أرواح مشاكلة
و أعظم خلقت فيهم و أعضاء
فان يكن لهم من أصلهم حسب
يفاخرون به فالطين و الماء
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم
على الهدى لمن استهدى إدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه
و للرجال على الأفعال سيماء
وضد كل امرئ ما كان يجهله
و الجاهلون لأهل العلم أعداء
وانطلاقا من الكتاب و السنة نحن شعب واحد يقال له البيظان نتكلم الحسانية و نلبس الدراعه والملحقة ونستمع ل(أزوان) و( المدح) ونفهم (لغن) وقبل هذا وذاك ديننا الإسلام ولسنا مسؤولين عن التاريخ الماضي إنما علينا بناء مستقبل مشرق ومشرف لنا جميعا فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا.
ثالثا: مع ظهور الشبكات الاجتماعية و في ظل العولمة بسلبياتها و ايجابياتها أصبح هناك الكثير من الحرية المفرطة وأصبح كل يبحث عن حقوق يظنها حقوقه الشرعية وهو في نفس الوقت يتجنى على حقوق الآخرين بدون أن يشعر.
فمثلا .. اسم لحراطين ليس ملكا لحقوق الإنسان ولا الدولة الموريتانية بحيث تسن القوانين وتعطيه اسما لطبقة اجتماعية (لعبيد) بدون مشاورة مجموعات معروفة بهذا الاسم منذ عدة قرون ولا تريد استبداله ولكنها لا تريد أن يسلب منها بهذه الطريقة المهينة والمخالفة لجميع النظم والأعراف الدولية.
ولا يسعني هنا إلا أن أشير إلى أن الفئوية التي يدعو لها بعضهم تعتبر عنصرية خطيرة على السلم الاجتماعي ولا تقارن بالقبلية التي تعتبر ركيزة اجتماعية يترتب عليها الكثير من العلاقات الاجتماعية ويعتبر دعاة الفئوية أول المستفيدين من هذه العلاقات
فمثلا: الأرقاء السابقون و لمعلمين من أول المستفيدين من الدية داخل قبائلهم وانطلاقا من هذا يجب عليهم الانصهار داخل تلك القبائل كالكثير من الأسر الموريتانية التي تتولى الآن زعامة قبائلها و هي في الأصل أرقاء و لا عيب في ذلك.
كما أن بعض الأسر التي تعتبر في طليعة بعض قبائل الزوايا المشهورة ومن أغنى المجتمع الموريتاني الآن لا تمت بأي صلة لتلك القبائل وهي في الأصل من القبائل الغارمة ولا عار في ذلك.
يتواصل