قبل سبع سنوات حذرت من الخطاب الذي يستخدمه كبار النخبة السياسية (موثق بالصوت والصورة) ضد بعضهم البعض.. وقلت وقتها إن الكبار الذين يتلفظون بالتشائم البذيئة أمام العامة والخاصة سيدفعون الصغار لاكتساب مهارات تلك اللغة السيئة الخطيرة النتائج.
.نسمع اليوم أن "مناضلا" سب رئيس الجمهورية..
قبله كان قادة المعارضة الذين يعلنون رسميا سعيهم لكرسي الرئاسة، أعلى منصب في الدولة، يتلفظون بأبشع النعوت والعبارات في حق رئيس الجمهورية، وكان غلاة النظام يدبجون أسوأ الشتائم في حق زعماء المعارضة.
دفع ذلك "روح الخطاب الوقح" إلى الانتشار كالنار في الهشيم بين أبناء هذا البلد.
دفع أيضا، بعض طواوييس العمالة لحضارة الغرب، إلى تصور أنهم فوق القانون، بل فوق الأمة..
أمضوا ثماني سنوات يرعدون ويزبدون، سبوا العلماء، والكتب الدينية، وأسسوا لخطاب كريه ينزع نحو طمس الحضارة الشنيقيطة، التي يعود لها الفضل في نشر الإسلام في ربوع غرب إفريقيا.
الهالة الشنيقيطة، التي جوهرها الإسلام، كانت هدف أولئك الصيادين في فوهة البركان.
تصور كل "مقعد فكريا" أنه مفكر وفيلسوف، وخيل إلى كل "مترف العجز" أن بإمكانه شن حروب، وتنظيم إبادات لكل من لا يروقه سواد عيونهم.
من خلال خطابه وزع الموت بين رحم السنوات.. لتكبر أجيال على الحقد والعمى الإنساني..
ما من شعب يخلو تاريخه مما يصلح لتشكل منه "محرقة".
لكن، ما من سياسي عاقل أو غير عاقل، إلا ويدرك أن نبش المظالم في "قرن التفكك الكبير" سيحجز مكانه له في كف العفريت.
لكي نكون "أوضح".. ما من أحد يمكنهُ "التنفس" لو أرادت "الدولة"..
على الأقل في هذه المرحلة.. لا الجيش ولا الأمن، هو منْ يجب أن يردع دعاة الفتنة، و"الانتهازيين".
بكل بساطة.. يكفي قليل من "المصارحة" في أذن منصتة.. وثمن "الصاير".
أما الحقوقيون والسياسيون النبلاء الذين ينافحون عن حق كل الشرائح في العيش الكريم فيجب توشيحهم، ومؤازرتهم، بكل مجهود ممكن.
أجزاء كثيرة من كل شرائح وأعراق المجتمع تعيش واقع العبودية.. الإهمال والفقر والجهل.. إنه واقع جاهز للاستغلال عند الحاجة.
قبل كل شيء.. على عواصم الجار كف أذاها، والتوقف عن زرع الفتنة بين الموريتانيين.. يجب بتر تلك الأصابع التي تحفر تحت الطاولة الوطنية..
قبل أيام احتج سفير السنغال على معاملة على غير لائقة لأحد مواطنيه من طرف عنصر من أمن الطرق.. حادثة فردية..
لم يسأل السفير ضميره عن 400 باخرة سنغالية تصطاد مجانا في مياهنا الإقليمية.. ولا عن مليون عامل سنغالي في موريتانيا...
لم يسأل عن السبب الذي دفع حكومته لتمويل ملتقى "شبابي شرائحي موريتاني" في عاصمتها يهدف بث الفرقة بين شرائح المجتمع الموريتاني.
حضر ضيوف دوليون ذلك المؤتمر. وكأنه لا يجري على أرض بلد جار يتقاسم معه "التاريخ والجغرافيا والنسب والسمك".
ماذا، لو احتضنت نواكشوط ملتقى لـ"حركة كاصمانص".. أراملها، أيتامها، معقو الحرب فيها، من شوهته الحرب وانتزعت منهم رمق الحياة الكريمة..
أخيرا.. الحدود المعنوية للدولة هي الضامن الفعلي لبقائها.