اتصل بى عدد من الإخوة يسألوننى عن موقفى من الرئيس مسعود ولد بوالخير وماهي مبررات رفضى لمبادرته .. استغربت الأسئلة لأنها فى رأيى المتواضع لاتنم عن نضج ولا عن شعور بالمسؤولية الأخلاقية ولاعن حس سياسي.
.1 - أنا ليس لي موقف من الرئيس مسعود إلا انه شخصية وطنية أقدره واحترم مواقفه الوطنية..فهذا هو موقفى بدون رتوش.
2- أنا لم أرفض مبارة مسعود لأننى ببساطة لست فى موقع يخولنى رفضها أو قبولها .. فأنا لست رئيس جمهو رية ولا زعيم حزب سياسي ولا ناطقا باسم جهة معينة ولا أمارس السياسة حتى أكون فى موقع رفض أوقبول المبادرة .. لكننى بالمقابل لست من الذين يقفون بمعزل يتفرجون بسلبية على أحداث مرتبطة بمصير البلد بلا مبالات .. فانا مواطن أقلق على بلدى ومستقبله وهو بالنسبة لى فوق كل اعتبار ومواقفى هذه وقناعاتى ممنوعة من الإستقالة.
وانطلاقا من شعورى بالمسؤولية تجاه وطنى أحدد موقفى وأعلنه بصراحة ودون لف ولا دوران من أي طرح يتعلق بمصيره مهما كان مصدره.
مبادرة الرئيس مسعود قلت فيها رأيى فى وقت سابق وأعيده بنوع من التكرار-أرجو ألا يكون مملا- حتى لايتهمنى الإخوة بتجاهل تساؤلاتهم .. قلت إنها مبادرة مهمة وتأخذ أهميتها من مصدرها .. ولكننا إذا تناولناها بالقراءة المتأنية تستوقفنا الملاحظات التالية:
1- تناولت المبادرة نقاطا حيوية وشخصت العديد من مكامن الخلل (صعوبة الظروف المعاشية .. انتشار البطالة .. ضعف الرواتب مع غلاء الأسعار مما يهدد باختفاء الطبقة الوسطى اللتى هي عنصر التوازن الإقتصادي الحيوي .. انتشار الفقر فى بلد غني بثرواته الهائلة المتنوعة..إلخ.)
2- قدمت المبادرة مطالب جوهرية : ( تطبيق ماتم الإتفاق عليه فى الحوار الوطني .. استقلال القضاء .. خلق طبقة وسطى فعالة .. تحسين الظروف المعيشية .. العمل على تشغيل الشباب) وغيرها من المطالب الموضوعية والمشروعة.
3- انتقدت المبادرة تعاطى السياسيين مع الشأن الوطني -موالاة ومعارضة- متهمة الموالاة بعدم الإنفتاح وبرفض الآخر، ومتهمة المعارضة بالإنتهازية وإثارة العنف بحثا عن الوصول إلى السلطة بأي ثمن.
4- ثمنت المبادرة ما قالت إن حكومة الرئيس محمد ول عبد العزيز أنجزته (بنى تحتية .. فك العزلة عن مناطق كانت معزولة .. توفير الماء والكهرباء فى مناطق عديدة من الوطن .. تخطيط الأحياء العشوائية وتوزيع القطع الأرضية لسكانها ..)وغير ذلك مما ذكرته البادرة.
طرح هذه الأمور بهذه الواقعية يعبر عن شجاعة أخلاقية نادرة فى السياسيين .. كما يعبر عن أمانة وصدق صاحبها ووعيه الحقيقي لمتطلبات هذه المرحلة من الزمن الوطني المحتدم بتحديات لايمكن تجاهلها .. وهي مرحلة بحاجة إلى نوع خاص من الوعي والوطنية.
لكننا إذا تجاوزنا الأطروحات النظرية نحو تصور عملي للحلول المطلوبة نجد ان المبادرة حصرت كل الحلول فى نقطتين اثنتين :
1- حكومة توافق وطني عريض كما تسميها المبادرة .. وهنا يطرح التساؤل نفسه بإلحاح: ألم تقم انتخابات ما بعد اتفاق دكار فى ظل حكومة توافق وطني؟؟..وما ذا كانت النتيجة؟؟؟.
حكومة التوافق بهذا الشكل الذى تطرحه المبادرة خاصة بالمراحل الإنتقالية والبلد ليس فى مرحلة انتقالية بل هو فى مأمورية انتخابية كاملة الشروط لا يعكرها إلا تأخير الانتخابات التشريعية والبلدية عن وقتها وهو وزر يتحمله الجميع بدون استثناء: موالاة ومعارضة بشقيها -المحاور وغير المحاور- وخطأ كبير فى حق الشعب المو ريتاني المسالم الذى يبحث عن الإستقرار والتنمية.
2- إعطاء الوزير الأول صلاحيات تتجاوز ما يعطيه الدستور، بل إنهاتصل إلى جعل رئيس الجمهورية فى حالة استقالة غير معلنة .. هل يوافق الموريتانيون على أن يتخلى رئيس الجمهوري عن واجباته اللتى إئتمنوه عليها ويتركها عرضة لأهواء سياسيين خبروا مستوياتهم وتصوراتهم وتوجهاتهم عبر عشرات السنين؟؟.. ولماذا لم ينتخبوهم أصلا !!!.. أو ليس هذا الطرح بحد ذاته مخالفا لم تم الإتفاق عليه وقرأناه من تائج الحوار الوطنى؟..ألا ينسف تلك النتائج من أساسها، خاصة ما يتعلق منها باللجنة الوطنية للإنتخابات اللتى تنص نتائج الحوار على أنها تشرف بشكل كامل على الإنتخابات دون تدخل من أي كان فماذا سيكون موقع الحكومة فى الإشراف على تلك الإنتخابات؟؟ سؤال بحاجة إلى جواب.
هذا ببساطة جزء من ملاحظاتى على مبادرة الرئيس مسعود مع تقديرى الكبير لصاحبها واحترامى له.
نحن بلد ديموقراطي تعددي، ونظامنا الدستوري رئاسي، وكل تجاوز لهذه الوضعية يتطلب تغيير الدستور وما يعنيه ذالك من تبعات لاتتوقف عند حد فقدان الدستور قدسيته وجعله قصاصات ورق يعبث بها من هب ودب، وهو ما لا يمكن قبوله من مجتمع يحترم نفسه ويتطلع إلى بناء دولة مؤسسات.
الأجدر فى رأيى أن نتعامل بصدق وبروح منصفة بعيدا عن الأنانية وطغيان الذات والمزايدة .
إن البلد بلدنا جميعا ولا ينبغى أن نفرط فيه ونعرض للخطر مصالحه اللتى يجب أن تكون فوق كل اعتبار واستقراره ونموه هدف مركزي يسعى الجميع إلى بلوغه.
والثوابت الوطنية مقدسة والحفاظ عليها واجب الجميع ولا مجال للمساس بها ولنعمل على حمايتها بوصفها الضامن لتماسكنا و تنمية وطننا بصدق وأمانة وتواضع بعيدا عن شخصنة الأمور الوطنية والرقص على أوتار النرجسية الذاتية .
الدده محمد الأمين السالك .. بتاريخ : 26/02/2013 ..