"لايمكن قطع العلاقات مع إسرائيل".. عبارة مشهورة قالها العقيد اعل ولد محمد فال يوم كان رئيسا للمجلس الأعلى للعدالة والديمقراطية عام 2006، قبل أن يُتْبعها جميل منصور بعبارة مماثلة عام 2008 في برنامج "الاتجاه المعاكس" حين قال "إن قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني أصعب من إقامتها.."
. .
كان الأخير يدافع عن شراكة حزبه مع نظام ولد الشيخ عبد الله، ملتمسا العذر للتواصليين في دخولهم حكومة "مُطبعة".
بعد ثلاث سنوات على حديث الأول وسنة واحدة على مداخلة الثاني، كانت الجرافات الموريتانية تمارس هوايتها مساء يوم مشهود من مارس 2009 أمام سفارة الكيان الصهيوني في نواكشوط، إيذانا بتطهير البلاد من دنس الصهاينة..
بُهت الأول، وأصيب الثاني بالدوار.. مرت ثلاثة أعوام على الحدث الجلل، ليقول العقيد اعل ولد محمد فال في حديث إذاعي لـ"موريتانيد" إن من قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني هو القذافي وليس ولد عبد العزيز، ويستطرد مُدينا نفسه قائلا إن "القذافي طلب مني قطع العلاقة لكنني رفضت".. عذر أقبح من ذنب، ومحاولة فاشلة للتقليل من حجم الحدث الذي لم تشهده عاصمة عربية قبل نواكشوط، ولا بعدها في ظل حكومات "الربيع" العربي "الإخوانية الثورية".
عدا عن هذا الموقف المتشبث بالتطبيع يحتفظ الموريتانيون بمن فيهم "دعاة الرحيل" للعقيد الرئيس السابق بسجل حافل في مجال القمع ومصادرة الحريات وتكميم الأفواه، فمن حظر الأحزاب السياسية إلى مصادرة الصحف، وسجن قادة الرأي والصحفيين وزعماء الأحزاب وحتى المرشحين للرئاسيات...
والمفارقة أن من تضرروا من التقارير الأمنية التي تحمل توقيع العقيد اعل ولد محمد فال، هم من يُقدمون الرجل اليوم كقائد جديد في طابور ثوار موريتانيا "العجائز"، منقذا للبلاد ومحررا للعباد..!!
الرئيس السابق- مع احترامنا لشخصه الكريم – فقير سياسيا، لم تسعفه ثروته المالية الطائلة في "اقتناء" خطاب سياسي، أو رؤية تصلح لأن تكون منطلقا لنقاش أي فكرة مهما كانت سذاجتها، لذلك لا نستغرب الزج به في أمور لا يفقه عنها الكثير..
وقد أصيب الرجل بعدوى أقرانه في العمل السياسي فرفض التقاعد الوظيفي والسياسي، متوهما أن لديه ما يقدمه لهذا الشعب، بعد عقود من القهر والحرمان والتنكيل الذي مازالت شواهده قائمة إلى اليوم..
سيدي محمد ولد ابه