السيد ، هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية .
عاش العالم في الأسبوع الماضي ، صادقا أو كاذبا ، الزمن الفرنسي لحظة بلحظة ؛ و ظهر الإعلام العالمي مؤازرا للفرنسيين في "محنتهم " جراء يوم واحد من الإرهاب أذاقتهم إياه " مجموعة من ثلاثة نفر" ، في مدينة واحدة – باريس ᴉ
.السيد الرئيس هولاند، لا يحق لكم أن تشكوا في أن العرب خصوصا و المسلمين عموما يرفضون ، على نحو قاطع ، كل أشكال العنصرية و التعصب ، و بالتالي يرفضون شتى صنوف الإرهاب ، خصوصا عندما يكون سببا في وضع نهاية لحياة أفراد أبرياء .فكتابنا المقدس ، القرآن العظيم ، يعتبر قتل النفس الواحدة ، بغير حق ، كقتل جميع الناس ، أي إنهاء للحياة البشرية و أن إحياءها هو إحياء لكل الناس ، أي حماية للحياة . ورسولنا و قدوتنا محمد( ص) كان أحرص الخلق على حماية الحياة ، إلى درجة انه نهى عن قطع الأشجار دون منفعة للبشر ، وحرم تدمير حياة كل حي دون سبب وجيه .فأمة يمنع نبيها قطع غصن من شجرة في الصحراء ، حفاظا على الحياة ، هي أمة بالأحرى تحترم الحياة ، و تعتبرها بناء مقدسا ، لا يحل تدميره ، هكذا كيفما اتفق .
السيد هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية ، لقد استمع إليكم العالم بعناية يوم الثلاثاء حين كنتم تشيعون أرواح رجال الشرطة الذين سقطوا و هم (يدافعون عن قيم الجمهورية الفرنسية ) في الديمقراطية و العلمانية و حرية التعبير ᴉ.. ولكن ما لم تقولوه للفرنسيين هو أن فرنسا – التي هذه قيمها – تشترك في قتل آلاف العرب و المسلمين في العراق و سوريا و ليبيا ᴉ.. ما لم تقولوه للشعب الفرنسي هو أن الإرهابيين قتلوا 17 شخصا ، وأن رجال الجيش في الجمهورية الفرنسية يلقون قنابل زنة الواحدة منها الأطنان لتبيد مدنا و قرى بكاملها ؛ مدنا وقرى فيها آلاف الأطفال و النساء و المسنين و الشباب الأبرياء ᴉ.. ما لم تصارحوا به الشعب الفرنسي هو أن جيش الجمهورية الفرنسية يتدخل في شؤون شعوب على بعد آلاف الكيلومترات من ( دامرتان ) ليقتل العراقيين في ديارهم ، و ليحمي عملاء الولايات المتحدة الأمريكية ، الذين فرضتهم بالقوة على شعب ، هو الأقدم في الحضارة الإنسانية ᴉ.. وأن الإرهاب الذي تتعرضون له هو بسبب تفكيككم لأنظمة و تفتيتكم لأنسجة اجتماعية، بدافع العنصرية و الكراهية ،في دول لا ذنب لها إلا الاختلاف عنكم في الدين و النهج و القيم ᴉ.. ما لم تقولوه للشعب الفرنسي هو أنكم بالقوة ، دمرتم دولة ليبيا و مزقتم شعبا كان آمنا مطمئنا في دياره بذريعة إزاحة الديكتاتورية ، و الحقيقة أنكم حطمتم بلدا لتنهبوا ثرواته ، ولتعيدوه إلى حالة التلاشي و الضياع ᴉ.. ما لم تقولوه للشعب الفرنسي هو أنكم تحمون شذاذ الآفاق من الصهاينة و تمدونهم بكل أسباب القوة لإدامة اغتصاب فلسطين و تدنيس مقدسات المسلمين و تشريد الملايين من الفلسطينيين من أرضهم، الذين حكمتم عليهم بالعذاب مدى الحياة ᴉ.. ما لم تجرؤوا على قوله للشعب الفرنسي هو أنكم السبب فيما يتعرض له هذا الشعب من إرهاب بفعل تبعيتكم العمياء لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية الظالمة للشعوب ᴉ
السيد هولاند ᴉ ᴉ
إن قيم الجمهورية في فرنسا ، لو أنكم اتبعتموها ، كفيلة بأن تحترم شعوب الأرض الشعب الفرنسي .. ولكنكم تتخذونها قناعا و مسعارا ، حين تتحدثون إلى الفرنسيين بغية استثارة المشاعر الوطنية و تأجيج الرأي العام لدعم سياساتكم الخاطئة ، بل الجائرة ᴉ
فحديثكم عن قيمة احترام حرية التعبير و عن الحق في الاختلاف في الرأي و الأفكار و المناهج و في النظرة المتساوية إلى الأديان ، كل ذلك تكذبه أفعالكم حين تستهزئون بمشاعر المليار و ثلث المليار من المسلمين ، عندما أقدمت جريدة "شارلي ابدو " على رسم يسخر من رسول عظيم و يعد أتباعه أكثر من مليار ᴉ.. أين كنتم يومئذ .. و أين أودعتم غضبكم و دموعكم حيال هذا الفعل البشع ، و المنافي لقيم الإنسانية المشتركة ؟ᴉ.. فحتى الشعار " أنا شارلي " رفع بكثافة في مسيرة "الجمهورية " للتعبير عن التزكية و الاستمرار في الخط المستهزئ بالمسلمين و نبيهم (ص) ، دون أي اعتبار للمسلمين الذين تنادوا في فرنسا للتضامن مع الشعب الفرنسي . إنها ازدواجية المعايير ، أو الكيل المطفف ، التي تتخذونها في الغرب قيمة عليا، و تنحتون منها مواقف غاية في الانحياز و العدوانية في حق أكثر من مليار من المسلمين عبر العالم ᴉ
السيد هولاند ، تصوروا لو أن جريدتين في فرنسا حملتا إلى العالم الغربي رسمين كاريكاتيريين ، أحدهما يسخر من رسول له مثل هذا الكم من الأتباع ، و الثاني يشكك في المحرقة النازية ، فماذا يكون عليه موقف فرنسا الرسمية ؟ᴉ.. إنه بكل تأكيد الموقف ذاته في كل مرة : أن السخرية من محمد (ص) هو شأن يدخل في حرية التعبير ، و أن الثاني هو معاداة للسامية ، أي للصهيونية ، و هذا خط أحمر عندكم ينبغي على وجه الوجوب و بالقوة أن تتقاصر عنه قيم الجمهورية الفرنسية في الديمقراطية و العلمانية و حرية التعبير ᴉ
السيد هولاند ، لقد أزفت ساعة الانتباه إلى أن أمة من مليار و ثلث المليار من البشر لا يمكن التلاعب بمشاعرها ، و لا السخرية من رموزها ، ولا الاستخفاف بطموحاتها ، ولا الاستهزاء بتاريخها ، و لا الانتقاص من حضارتها ، و لا العبث بقيمها ، و لا الاستمرار في التعدي على حقوقها و نهب ثرواتها ، و حان لكم أن تدركوا أن العالم على حافة الانهيار إذا لم يدرك قادة الغرب أن سياسة الإبادة الجماعية و الاستهتار بقيم الشعوب و الأمم الأخرى تقود حتما إلى تصادم كتل بشرية هائلة؛كتل تعتز بتاريخها مثلما تعتز فرنسا بتاريخها ، وتفخر بقيمها مثلما تفخر فرنسا بقيمها ، ولن يكون في مقدور فرنسا مواجهتها على هذا النحو المستهتر .
لقد تحمل العرب و المسلمون فوق ما يحتمله الإنسان ، بدءا باستعمار الغرب ، مرورا باضطهاده لهم و تجزئته لأوطانهم و نهبه لثرواتهم و تبديده لطاقاتهم وتجويعه لأطفالهم و استخفافه بعقولهم ... و صولا لإبادتهم فردا فردا ، و طمس هويتهم و محوهم من الوجود ᴉ
ولقد آن الأوان ليقف صناع القرار في الغرب ، ولينخرط المثقفون فيه و الفلاسفة و المفكرون في هذه الوقفة التاريخية ليتداركوا أوضاع العالم ، الذي هو اليوم رهينة في علبة مغلقة بيد تجار الحروب من الأمريكيين ᴉ ᴉ
السيد هولاند ، إن الحروب الدولية التي تشعلها الولايات المتحدة الأمريكية و تنفخ فيها الصهيونية العالمية تعد على النقيض من مبادئ الثورة الفرنسية العظيمة التي جاءت لاحترام الإنسان و تمجيد قدره ، حيثما هو ؛ وإن الاشتراك في هذه الحروب الإبادية يأخذ فرنسا أبديا إلى موقع الآخذ برد الفعل على أفعال إرهابية هنا و هناك في فرنسا نفسها ، حتى يشهد العالم و يعيش قيم الجمهورية الفرنسية تتبدد في ترسانة من النصوص و التعقيدات القانونية و الرقابية العنصرية ، و حتى يعيش الناس فرنسا الاندماجية تتحول إلى معازل ᴉ.. و قد بدأت نذر ذلك بنشر قوات الجيش حول المؤسسات " اليهودية " ᴉ ᴉ
محمد الكوري و لد العربي