قراءة لمقال في ظلال الحروف../ د. النجاح بنت محمذفال

2025-12-19 17:30:03

في ظلال الحروف يتفيا الوطن 

وينعم بالحكايا 

حكايا صاغھا الزمن بحروف اجساد مجتمع البيظان ھي بلسان الحبر وطعم الملح والتمر 

ھي اختصارا كل مناحي الصبر حين يصبر المؤمن ليرضي ربه حجيجا ..

يسافر من بعيد زاده اللاشيء 

يمتھن الضحوة سكنا والجوع  رزقا ..

إنه البيضاني المؤمن الصابر الذي لا يكسر اعناق الإبل إلا ليرضي ربه حجيجا !

في مھرجان الحج يھون كل شيء حتى مكاسب المعاقين ؛

رحلة المھرجان لا تخلوا من الإمتاع والمؤنسة العلمية فتحضر إشكالات اللغة والفقه ھكذا استعاد  الروائي الشاعر المختار السالم ملامح ھذا المھرجان "عند الظھر عاد آخر عائد من توديع  قافلة الحجيج فاخبر بانھ ترك القافلة "واھلھا بعد ان استقروا على طبيعة الورد اليومي وقد دخلوا في جدل حول إعراب آية "!

وقال "إن ذلك لم يمنعھم من الفكاھة حول الزواج الجماعي الذي جرى البارحة لحل إشكال المحرم "

 

ياتي مقال في ظلال الحروف للرواىي الشاعر المختار السالم باجزاء بسيطة من حياة عرب البيظان في اسلوب تتنازعھ جزالة اللغة مع متعة الفكر الننساب عبركلمات لا تقبل الثنائية حضر فيھا مجتمع البيظان رجالا ونساء

 وبذاكاء تمكن الكاتب من إحضار المراة عندما اقحم الزفاف الجماعي كنكتة كدليل على ان من بين الححيج نساء وان المراة البيضانية لا تغيب عن معالى الامور ، كما حجز لھا من قبلٌ مكانا روحيا في القافلة بما حجزتھ المعوقة التي تطوعت بحليھا لشقيقھا وھي التي فقدت القدرة على الحضور بجسمھا لمھرجان الحجيج ھذا !

ھي رحلة مجرد رحلة 

لكنھا تقھر الزمان والمكان 

 

وليس ھذا المقال إلا حجا ادبيا عساھ مقبولا .....

 

المقال كاملا 

 

في ظلال الحروف

المختار السالم

ومنْ أقْصَى المدِيْنَةِ يجيءُ النّاسُ بألحاظٍ لا تنحَسرُ عن الأفُقِ.. إنّهم يشخصون إلى السَّماءِ بحثًا عن غيمة تطرأ في أيّ جانب من هذا الممتدِّ الأَبَدِيّ!

النظر إلى رواق الأبَـدِ من خِلالِ هذه الآفاقِ المؤثثة بالرّجاء والأحلامِ يغري بِشَعِــيْــرَةِ الأملِ.

"يوم الرّحلةِ" بدت الشّمْسُ؛ ومن ورائها أفق أزرق؛ وكأنها غادة حسناء تلقي بِنَصِيْفِهَا على مرْحلة من التّمرّدِ!

وكما حدّثني "جدّ".. أحداث ذاكَ اليوم، هي الأخْرى، بدا وكأنّها مصمّمة على التميّز!.. لقد ودّع سكّان القريةِ قبل قليل قافلةَ الحجّاج.. ثلاث سَنَوَات هي الفاصلة الزّمنية بين القرية وبين أي عودة محتملة لأحد هؤلاء المحظوظينَ من أبنائها؛ الذينَ حصلوا على قليل من المالِ مع "مركوب" للحَجّ على ظهره!

إنّ من بين تلك القافلةِ أحد عشر رجلاً وتسع نساء إحداهنَّ لا تقف إلا بالاستناد إلى عكّاز جراء إعاقة قديمة في رجلها! ومع ذلك أصرت على الحجّ من مغرب الشّمسِ، حيث العين الحمئة؛ التي تتربّص بالغُرُوب!

وكان من بين القافلةِ شيخ ثَـمانينيّ رزق ليلَة البارحةِ بولد؛ والراجح أنه لن يعود ليراه مرّة أخرى! ومن بينهم أيضا رجلُ يحج بما تطوّعَت بهِ أخته المعوقّة من حلْي ورثته من أمّها!

إنَّ عليهم ركوب البر والبحر؛ على أنّهم لن ينزلوا عن ظهْر الخطرِ؛ بالرغم من أنهم احتاطوا أشدّ الاحتياط لإخفاءِ رصيدهم القليل من مصوغات الذهب والفضّة!

عليهم الارتحال في عــزّ الظّهيرةِ والبَرْدِ؛ وعليهم المخاطرةِ بالجوع والعطش؛ والخَوْفٍ الدائم من عصاباتِ اللّصوصِ وقطاّع الطرق المتربّصين بالحجيجِ في بطون الأودية وسُفُوح الجبالِ والمهامه المتراميةِ الأطرافِ؛ وعليهم المغامرة بعبورِ البلدان الموبوءَةَِ بالطّاعونِ والجذام!

في كلّ مكَان مرّوا بهِ كانَ هناك خبر عن ضريْح لحاج شنقيطيّ؛ أدركه الخلدُ مُنْصَرِفًا أو قافِلاً.

إنَّها رحلة تتواصل عاما كاملا قبل أن تكتحل العينُ بـ" الـمُحَصَّبِ" وإخوتِهِ في سِفْرِ المكان العظيمِ؛ حيث لا "يَتَحَصَّبُ" على الشّنقيطيّ "قَوْلٌ معطّل".

لكنّ سكّان القرية اليوم لن ينفضّوا بوداع حجيجهم! إذْ هنالك ترقب شديد لمزاج السّماءِ وقد استسقوا بالحجّاج المغادرينَ!!

لقد مرّت سَنَوَاتٌ من المحلِ، حتّى كادتْ "الحجارة تفقد الشَّرر" جرّاء ندرةِ الأمطارِ! أمّا وقد اسْتَسْقَى من تركوا غبارهم في السّبيلِ؛ فلا بدّ أنها ستمطر؛ وإلا آذن النّاسُ برَحِيْل جَمَاعِيّ عن مكَان موسُوم بهجرةِ الظّلالِ والرّمَالِ!

هناك جدل حول لونِ السّماءِ!.. ثمّةَ تجاعيد رمادية تزداد كثافة وإن ببطء شديد!.. أهي نذر تشكّل السّحب أم تأكيد لصَحْوٍ غير مرغوب؟

قال أحدهم: "أوقدوا النّار لتعرفوا من حركةِ الدّخانِ إن كَان من ماء أعلى من ماء الجبينِ في هذا اليَوْم الحارّ"؟!

وارتفع صوت امرأة غطّت وجهها بالإثمد والحميرةِ: "المطر ينفع حتى في الوزن؛ فهو يزيد وزنَ الصّمْغِ"، فيردُّ آخر: لكنّهُ يذيب الـملْحَ، وأهل المداشر لا يمكنهم الإقلاعُ عن الـمِلْحِ؛ ومن ذا الذِي لا ينشدُ صحْوَة الـمِلْحِ في العُرُوْقِ النّبيلةِ!"؟

عندَ الظّهر؛ عادَ آخر عائد من توديع قافلةِ الحجيج؛ فأخْبَرَ: بأنّه ترك القافلة "وأهلها بعد أن استقرّوا على طبيعةِ الورد اليَوْمِيِّ، وقد دخلوا في جدَل حوْل إعرابِ آية"!، وقال: "إنّ ذلك لم يمنعهم من الفكَاهةِ حول الزّفاف الجَمَاعيّ الذي جرى البارحة لحلّ إشكَال المحرم"، وقال: "في طريق عودتي لاحظتَ أنّ السُّفُوح لم تشهد اليّوم أيّ سَراب؛ ومعنى ذلك أنَّ السّحاب قد يتشكّل"!

كان ذلك من أنباء قرىً، من هذه البلاد، أصبحت اليوم تراثا ومُلْكًا لكُلّ البشريّةِ، يستحقّ مهرجانها الاحتفاء بما كان لساكنة هذا البلدِ من حَكّائِــيْنَ ومن حكايةِ؛ هي لسان الـمِلْحِ والتّمرِ والحِــبْرِ".

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122