تحقيق مناط التخلف عن الجمعة خوفا من وباء كورونا

2020-04-04 15:17:00

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
فهذه الجمعة الثانية التي تعطل في بلادنا وقد اطلعت على جملة مما كتبه بعض المشايخ والدعاة حول القضية رغم أني لم أصادف من حقق مناط حكم منعها بشكل علمي وشرعي جمع فيه بين الأدلة الواقعية والدلالات الشرعية بعيدا عن أسلوب الوعظ والتحذير والهالة الإعلامية والبعد عن مواطن التحقيق.

.

وسأحاول إجمال ما أشاروا إليه في الجمل الآتية إن شاء الله

فمن قائل : أن هذا من أسباب البلاء وانتشار الوباء ومن قائل
إنه لم يحدث في التاريخ مثله وتضاربت الأدلة في ذلك فأوردوا أدلة غريبة في ذلك منها على سبيل المثال لاالحصر :
١-{{ومالهم ألايعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام }}
٢-{{إن الذين كفروا ويصدون عن المسجد الحرام }}
٣- {{هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام }}
٤-{{ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها}}
٥-{{قل لوكنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم }}

ومنهم من ينقل أن آحادا من السلف صلوا في زمن الطاعون جماعة فيعنون لذلك بفعل السلف .

ومنهم من يجعل هذا ينافي التوكل والخوف من الله ومنهم من يجعل هذا من الخوف من المظنون ويطالب بالانتظار حتى يتحقق العذر وأن ماوقع في بلادنا حالات نادرة فيلزم الجميع الانتظار حتى يتحقق الفيروس في الجمعة والجماعة بنسبة معتبرة تزيل الظنية وهذه عقلية صاحبها وإن ادعى الشرعية فلاعلم له بالواقع فهو ينادي على نفسه بالجهل بحقيقة هذا المرض الوبائي نسأل الله العافية

وأوسطهم طريقة من يطالب بعدم التمادي على الغلق مع بعض الاعتبارات الاحتياطية وذكر بعض فضائل المسجد ومكانته لكنه في الحين نفسه يتناسى أن حق المسجد منذ زمن بعيد لايعبأبه !
ومنهم من يقيس المساجد على الأسواق ونحو هذا .
وحين ينظر المسلم بعين البصيرة لايجد حزا في مناط القضية -هل وباء الكورونا عذر للتخلف عن الجمعة والجماعة؟

-هل يعذر بمجرد وجوده أم لابد من تحققه في الجماعة بنسبة معينة ؟

-هل يقدم حفظ النفس على بعض المصالح الدينية ؟

-لكن السؤال الحقيقي لأهل العزيمة لماذا يتركون صلاة الجمعة ؟

-هل تجوز طاعة الدولة في معصية الله ؟

-وماهو حكم دولة منعت شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة كالجمعة ؟ -متى وجبت طاعة الدول العلمانية ؟

- أليست المعارضة والمظاهرات مظهر من مظاهر الديموقراطية  في أتفه الأمور كيف به في أعظم المسائل وأخطرها ؟
-لماذا لايضحي أهل العزيمة بأداء ماافترض الله عليهم ويصبروا على مايصيبهم في ذلك  أم أن واجب العزيمة مقصور على الإطلالات الفيسبوكية بعيدا عن تحرير مناط القضية ؟
 -لماذا لايتوكلون على الله في أداء العزيمة فلايخافون من مخلوق كما يعيبون الآخذين بالرخصة بعدم التوكل والخوف من الفيروس ؟وخلاصة ماتقدم نعلم أنه وحتى الآن لم تأت بينة شرعية في محل النزاع الذي تقدم وبينا العذر فيه لأن هذا الوباء من جهة ثقات الأطباء ينتشر بسرعة هائلة وخفاء كماصرح بذلك الأستاذ المتخصص الثقة .
د إياد قنيبي وعدد من ثقات الأطباء وبعد وجوده أو العثور على حالة منه فإن أي اجتماع يعد تعرضًا له نشرًا وإصابة ولاوقاية منه أنجع  من عدم الاجتماعات هذا كلام الأمناء في الفن .

ومن جهة الشرع فقد أعذر الشارع في التخلف لرفع الحرج والضرر  كمافي قوله:"صلوا في رحالكم" خوف الريح الباردة أوالمطر وقد ثبت في الصحيحين حديث ابن عباس في إسقاط الجمعة خوف التحريج بالمطر .

إذا فخلاصة الحكم الشرعي سقوط الجمعة عن المكلف بها لماتقدم من الأدلة ومن كان عنده علم في هذا فليبين بحجة شرعية في محل النزاع قبل فوات الأوان ولايتعب نفسه بذكر الآيات ومكانة المسجد وفضل الجماعة والجمعة وخطر إغلاق المساجد وفتح الأسواق .
فهذا الخلط يذكرني بكلام بعض الصوفة لماننكر عليه الاستغاثة بالنبي أو العالم الفلاني يقول أنتم لاتحبون النبي تنكرون جاهه وتنكرون الصالحين ونحوهذا من فلسفات التهرب عن محل النزاع لفقد الحجة ،تختلف قوالب لفظه عند كل قوم وتبقى حقيقته . والله المستعان .

ولاعبرة بكلام من لم يتفقه ممن يطلع على قاعدة أوقول فيبادر في استشرافه وتبنيه دون فهم فقد راسلني بعضهم بتطبيقات حول جملة من القواعد جعل فيها القضية من باب المعارضة بين حفظ الدين وحفظ النفس وأن حفظ الدين مقدم على حفظ  النفس في بحث أصولي الشكل مفبرك الحقيقة تعب صاحبه من تقميش القواعد وجمعها على فكرة خطرت على ذهنه الطيب ولا زلت أعجب من ربط السالفين للعلم بالصلاحية دون المسائل وكأنهم يشاهدون أهل زماننا .

فأقول وبالله التوفيق القواعد لايستدل بها على الإطلاق لأنها كليات تحوي آلاف الجزئيات فلايصلح إطلاق الكلي على جزئية قبل اعتبار محلها ووضعها وعليه فقضية تقديم حفظ الدين على النفس ليس على إطلاقه عند من علم تطبيق جزئيات القواعد واطلع على حقائقها فقد بين الشارع الحكيم انه في بعض الأحايين تقدم مصلحة النفس لاعتبار حفظ الدين فيترك الوضوء لخوف مرض اوظنه أولعطش محترم معه وكذلك خوف تلف النفس بالعطش في الصيام ونحوهذا وخوف الضرر من أذى أعداء الله وإكراههم فتخفف بكلمة بلسانك تتقيهم بها وأنت مطمئن بالإيمان .وهذا مجال يعز حصر جزئياته فلاتغتر بالاطلاقات العامة دون تبين .
وعليه فتقديم مصلحة النفس اليوم خوف تلفها بمرض أونقله بالعدوى لآخر قد يتحول من رخصة إلى عزيمة لأن قضية الضرر هذه بعد اطباق المتخصصين عليها لايتهاون بها إلامن لم يطلع على الحقيقة الواقعية ...

ولا دليل فيما كتب المشايخ وبعض الدعاة في هذه القضية وقد يصلح للاستثارة الإعلامية أكثر منه للعلمية فكأنهم يريدون منه حشد الشعوب وتوعيتها للمظاهرات والمطالبة بالجمعة لاالاستدل لأنهم تجاهلوا قواعده والله أعلم .
ولازلنا ننتظر منهم بحثا علميا موثقا أو إجابة بعض الأسئلة المهمة التي تخصهم في ذلك نسأل الله التوفيق وحسن الختام ونختم بحكم الله في القضية أن العذر يعم المسلمين جميعًا لخوف الضرر وصحة الأثر ويبقى الأذان لايسقط وهو المقدور ولوأعلم المؤذن الناس بقوله صلوا في بيوتكم فحسن .نسأل الله أن يرفع عن الوباء والبلاء وكل داء وأن يحفظ جميع المسلمين من هذا الداء الوبائي ويشفي من ابتلي به منهم ويجعله آية بطش وانتقام من أعداءه من الكفرة والمشركين إنه ولي ذلك والقادر عليه .

وكتبه إيمانًا واحتسابًا محمد بن محمد الأمين بن الطالب إبراهيم البخاري.

 

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122