سفارة الأرز في إفريقيا الغربية (10) / محمدٌ ولد إشدو

2019-12-04 04:02:00

كائية في تأبين فارسي المهجر سعيد فخري وأحمد مخدر

الفصل الثالث: من شاهد على القهر إلى شاهد على النصر!

نصر تموز العظيم

لم يُضَيِّع العدو الأمريكي – الصهيوني وقته أو يرعو عن غيه؛ بل سرعان ما هاجم المقاومة اللبنانية، بيضة الوجود والصمود العربي الجديد، بكل ما أوتي من قوة.

ووقف معظم بيروت ونصف لبنان مع العدو متعللا بشتى الذرائع والحجج، وكذلك كانت مراكز القوة والمال والنفوذ في الأمة العربية العاثرة آنذاك. وانطلقت السيدة رايس تصول وتجول بين عواصم أمتنا على صهوة جواد أبلق، وكأنها هند بنت عتبة يوم أحد، أو حذام بنت الريان!

كانت معركة المقاومة اللبنانية مع إسرائيل يومها أشبه ما تكون بمعركة داود وجالوت التاريخية! وصمدت المقاومة وصبرت وانتصرت على إسرائيل وحلفائها، و{كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين}! “لقد ولى زمن الهزائم، وأشرقت أزمن النصر”!

ولما يمموا غزة الصابرة المحاصرة انتصرت عليهم هي الأخرى مرتين!

وثارت مصر وتونس واليمن على أنظمة البغي والطغيان والاستبداد والخذلان! وانبعث العراق من رماده مثل طائر الفينيق الأسطوري!

لم ألتق – ويا للأسف الكثير- بالرئيس المدير العام سعيد فخري منذ انقلاب يوليو الأسود في موريتانيا سنة 1978، فلقد ظل الوطن الموريتاني لسنوات طويلة ذليلا ومغلوبا ومستباحا! وكنت – كغيري من الأحرار- خلالها نزيل السجون والمنافي، أو عرضة للمطاردات والمتابعات. ولما صحت موريتانيا ونهضت في السنوات الأخيرة تواصلنا عبر الهاتف فقط؛ وكنا نسوّف ونؤجل اللقاء من موعد إلى آخر، ظنا منا أن لنا من الأمر شيئا! إلى أن جاء القدر فاختطفه الموت دون أن أعلم برحيله، وحرَمَنا فرصة اللقاء إلى الأبد!

أما المهاجر اللبناني السابق الآخر في السنغال ذ. أحمد مخدر، فقد التقيت به من جديد في بيروت، بعد أربعين سنة من البين! لقد أصبح بعد شبابه الغض كهلا، ومحاميا كبيرا، ومع ذلك فقد ظلت طباعه يوافع كما عهدناها سنوات “الستينيات المجنونة”: تواضع ووفاء ودماثة خلق وكرم عربي أصيل ونخوة وإباء ومرح قل نظيره! وقد زان ذلك ما حبا الله به السيدة الفاضلة الكريمة المؤمنة حرمه (أم علي) من خلق عظيم، وكذلك أبناؤهما الطيبون!

… ها هي ذي سفارة الأرز تفتح لنا أبوابها من جديد  ويتوسع الطاقم، وتتعدد المجالات! هاهو ذا ذ. أحمد مخدر وصديقه حسن حويلي في انواكشوط؛ والشاعر المقاوم الشيخ فاضل مخدر يلقي قصائده المقاومة في مهرجان الشعر في موريتانيا.. وها هو ذا الصحفي اللامع والكاتب اللبناني الكبير سامي كليب يعد برامج وتقارير شيقة لقناة الجزيرة عن موريتانيا التي عشقها إلى أبعد الحدود حتى أن صورة غلاف كتابه “الرحالة” كانت منها.

ودخل المؤتمر القومي العربي على الخط برعاية عميده الفاضل المناضل الأستاذ معن بشور.. وانتظمت لقاءاتنا ورحلاتنا إلى لبنان في كنف الأحبة والأصدقاء؛ وكان لدار الفكر اللبنانية دور فطبعت كتبي “حتى لا نركع مرة أخرى” و”أزمة الحكم في موريتانيا” و”إلى أحرار موريتانيا”! أما ديوان “أغاني الوطن” فقد آلى ذ. أحمد مخدر أن يتولى هو طباعته على نفقته، وقد فعل!

ثم ها أنا وصديقي ذ. عبد القادر محمد سعيد نسرح ونمرح في حمى الحمراء، ونشارك في ندوة “النزاهة في الانتخابات البرلمانية المنعقدة في بيروت يوم 13 /3/ 08، ونتقدم بنص عن التجربة الديمقراطية الموريتانية الوليدة. وها هو ذا الدكتور خير الدين حسيب يرعى – بجده وتفانيه المعهودين- مركز الوحدة العربية.. ويعلمنا دولة الرئيس سليم الحص درسا عن “سلاح الموقف” فيقول:

“لا يلجأ إلى العنف إلا فاقد القضية، ولا يلجأ إلى سلاح الموقف إلا المطمئن إلى منعة قضيته، ولكن سلاح الموقف لا يكون فاعلا ماضيا إلا إذا كان مشفوعا بقوة الحق وقوة الشرعية وقوة الإرادة الموحدة. ومن لا يجد سوى العنف الماحق إنما هو ذاك الذي تعوزه ذخائر الحق والشرعية ووحدة الإرادة الوطنية.

هذا مع العلم أن سلاح الموقف له بُعد أخلاقي؛ إذ لا يستطيع أن يستخدمه إلا من يتمتع بالصدقية، أي من يتحلى بكل الصفات الحميدة.

أما المقاومة، أية مقاومة، فهي تمتشق السلاحين معا: سلاح العنف وسلاح الموقف!”

… وكرت أمريكا وإسرائيل وحلفاؤهما من جديد بعد هزيمتهم في حرب تموز وحروب غزة، ولكنهم هذه المرة يستخدمون الإرهاب التكفيري ويقاتلوننا بجيوش من لحمنا ودمنا، وباسم ديننا الإسلام دين السلام، وتحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وبتمويل إسلامي وعربي مسرف “وكفى الله اليهود القتال”!

وكان الشام والعراق ومصر هدف هذا الغزو الاستعماري الصهيوني الرجعي التكفيري الجديد، ومسرح بغيه البربري وعدوانه الوحشي! ولكن شعوبها صمدت صمودا أسطوريا وصبرت وانتصرت بثباتها وقوة إرادتها وبطولة جيوشها وعون أصدقائها الأوفياء!

وفي خضم هذه الفتنة الكبرى تجلت من جديد سفارة الأرز من بيروت: “بيان للناس وهدى وبشرى للمؤمنين” عبر “قناة الميادين”!

ومن بيروت أيضا انطلق نفير الدفاع عن الشام المظفر الذي أسهم إسهاما حاسما وفعالا في هزيمة التحالف الدولي الإرهابي التكفيري في سوريا وأدواته الإجرامية داعش وأخواتها!

يتبع

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122