فى تأبين المرحوم الشيخ ولد عبدى

2018-02-18 10:10:00

بسم الله الرحمن الرحيم.... "كانوا قليلا من اليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون"

.

في السابع والعشرين من شهر الله تعالى جامدى الأولى 1439 ه في التاسعة إلا عشرين دقيقة غادرنا فجأة إلى تلك الدار الشيخ بن عبدي بن الشيخ ،وهو يكاد يكون في العمر الذي أقسم به ربنا تبارك وتعالى عمر نبيه الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام .

غادر دنيانا رجل من الطراز الأول في الصدق والإيمان والمحبة والأمانة والوفاء والوقار والزهد والسخاء والكرم والعفاف والورع والإباء والشهامة والقوة في الله تعالى.
عاش الفقيد في أحضان أبويه الكريمين الشيخ عبدي ولد الشيخ والشيخة ميمونة بنت محمد فاضل ولد سيد المصطفى،فنهل من علومهما وتقواهما، كما تعلم على المرأة الصالحة أوات بنت أحمد ولد اكليب وعلى خاله العلامة الشيخ محمد عبد الرحمن بن سيد المصطفى وعلى المقرئ القارئ باب بن آبكه الأبييري.

ولج إلى المدرسة النظامية في الحويطات الشيء الذي لم يطب لأبيه الشيخ عبدي بن الشيخ لأنه كان يكرهها ،فاشترط عليه لبروره تركها.فستجاب له .

غادر الفقيد الحويطات ليلتحق بالمحظرة العلمية الرفيعة للعلامة محمد لمين بن سيد احمد بن البشير القلاوي في أطار حيث نهل من معارف هذ الشيخ وكبار تلامذته الذين كانوا يزاولون التدريس في بعض الأحايين نيابة عنه.
لقد أولوه عناية فائقة وصية وجدها عندهم من خاله العلامة أجيه بن سيد المصطفى.

وإذا كان إقراء الفقيد بهذه المحظرة لم يدم طويلا( ثلاث سنين) فإن إستفادته منها كانت كبيرة، لأنه لم يكتف أثناء مزاولته الدراسة بها بالمتون التي درسها بل كان يحضر كل دروس التلاميذ هناك ،ورغم تحصيله المتميز فإنه لم يكن يتمشدق ولا يتظاهر بالمعرفة بل لا يطلع على مستواه العلمي إلا أهل خاصيته .
حل الفقيد بانواذيبو على رسم الزيارة لأخيه محمد ابراهيم رحمه الله تعالى
وهناك التحق بالعمل في البحرية التجارية وجهة الشباب أيام تلك.

ولكأني بدوي حين قدمت عليه من نواكشوط إبريل 1979 فوجدته في أغدق عيش وكأنه وابن عمه محمد ابن باب احمد(الجنرال) ندماني جذيمة،بقي الفقيد يعمل في البحرية التجارية إلى نهاية الثمانينات من القرن الماضي ،فبعد تصفية الشركة التي كان يعمل لديها ،وبعد أن عكر صفوه مرض الربوي بمناخ نواذيبو.
نزل علينا هنا فالتحق بالعمل بميناء نواكشوط .
سبقني أخي الشيخ رحمه الله تعالى في أشياء كثيرة
وعجبت لسخائه ووفائه وتقواه وشدة أمانته وخوفه من الله تعالى واستعداده للقائه .
كان يمكث الأيام والليالي يردد بصوته الشجي هذه الآيات من كتاب الله العزيز
"كانوا قليلا من اليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون"إلى قوله تعالى" وفي السماء رزقكم وماتوعدون" صدق الله العظيم

مما يدل على ورعه رحمه الله تعالى أنه وخلال البطالة التي عرف هنا في نواكشوط حصل هو وبعض زملائه على قروض من مؤسسة لقروض الصيد البحري فلما استلم شروط القرض وتبين ربويتها لم ينم ليلته تلك وفي الصباح الباكر حمل المبلغ وأعاده إليها .
يحب من الناس الصدق والصفاء والوضوح والأمانة ،ويكره الظلم والكذب والتلون والنفاق والغموض،لايحابي ولايداهن،
يصدع بالحق مهما كان وعلى من كان،لايبالي،ولايخاف في الله لومة لائم .

أوصاني به أبوه الشيخ عبدي أطال الله بقاءه منبها إياي على خصوصيته،أي أنه ممن اختصه الله تعالى واجتباه وهداه إلى صراط مستقيم.
كنت البارحة أقلب وثائقه أبحث عن ديونه ووصاياه فوجدت كل ما فيها الأذكار والأدعيةوالعزائم بأسماء الله تعالى وآياته وصفاته ومدائح وكتب الصلوات على الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام.

أنزل ألله عليه شآبيب رحمته وأسكنه فسيح جناته، في فردوسه الأعلى مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
"وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا

وبالمناسبة أشكر الإخوة والأهالي والأحباب والاصدقاء الذين عزونا في مصابه الجلل، في نواكشوط وتكانت وآدرار والحوضين ونواذيبو وغيرها ،في الداخل والخارج ،ولأطر وعمال مناء الصداقه والإخوة الذين تجشموا عناء السفر.
فجزاهم الله خيرا جميعا.

القاضى: محمد عبد الرحمن ولد عبدى

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122