هكذا عرفت "الفتى" الشيخ ولد بلعمش../ م م أبو المعالى

2017-12-07 23:29:00

كانت اللقاءات بيننا جانبية وفي الغالب أثناء تظاهرات أو مناسبات عامة، لكنها أتاحت لنا التعارف ولو لِماما، إلى أن كان ذات فجر صادق من نهاية شهر سبتمبر عام 2013، حين تقابلنا فجأة عند صلاة الفجر بالمسجد النبوي في المدينة المنورة، بعد تبادل التحايا غادرنا المسجد إلى مقر الإقامة، كان "الشيخ" في تلك اللحظات متأثرا إلى درجة يشي بها المحيا وتفجرها النبرة، بتلاوة الشيخ على عبد الرحمن الحذيفي سورتي البروج والطارق في تلك الصلاة.

.

كان ـ رحمه الله ـ يردد بعض آياتهما ويقول، "ما أورع القرآن وألذه وأمتعه، كأني لم أسمعها قبل الآن".... ويقرأ وهو يتمايل برأسه ومنكبيه "إن بطش ربك لشديد، إنه هو يبدئ ويعيد.." ثم يقول بنبرة المتأثر، "لا حول ولا قوة إلا بالله.. هذه آيات تهز الكيان من الأعماق".
فأرد عليه.. "نعم.. تهز كيان من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.."، فيقول وهو يكاد يصرخ من فرط التاثر، "رائع.. رائع.. انظر يا أبالمعالي ما أروع القرآن وما أجمله.. لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد"..وطال الحديث حينها عن القرآن والمكان.. ونحن نستحضر وقفنا على بعد خطوات من روضة من جاءنا بالقرآن، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، فلم ننتبه لطول الوقوف إلا بعد ان أشرقت الشمس.

واستمرت اللقاءات طيلة مقامنا في المدينة المنورة، وكان من بينها لقاء من حسنات التاريخ، على ربوة بإحدى ضواحي المدينة المنورة، رفقة الزميل العميد محمد عبد الله ممين، وبدعوة كريمة من الأستاذين الفاضلين محمد افو ومحمد الشريف، حيث قضينا سهرة ضن الزمان بمثلها، بمعية بعض السودانين من رعاة الإبل.. تنوابنا فيها بين مديح المصطفى صلى الله عليه وسلم، واحتساء رِسل العلائل.. وقليل من السياسية وبعض الأدب.

لاحظت أن "الشيخ الفتى" رحمه الله، رغم عزوفه عن التخندق السياسي، كان منصفا للجميع، غير مجامل في قول الحقيقة والصدع بقناعته، رافضا الافراط في انتقاد أي جهة، أو اعتبارها سوءا مطلقا لا خير فيه.. في تلك الليلة أسمعنا بعض روائعه في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، (مسجلة بالصوت والصورة، لدى الزميل محمد عبد الله ممين).
جمعنا موسم الحج ذلك، فكان نعم الحاج، يتدفق حبا لله ورسوله، غارقا حتى مفرقيه في إيمان راسخ، وعاطفة دينية جياشة اتجاه الزمان والمكان.. وفي نهاية الحج، كان لنا موعد مع روائعه المديحية على مائدة الأستاذ الفاضل الدكتور ديدي ولد المهدي، في بيته العامر بمكة المكرمة..
تقابلنا بعد ذلك مرارا في نواكشوط، فقد كان لا يتخلف عن دعوات نصرة النبي صلة الله عليه وسلم، ومؤازرة الأقصى حين يكون في العاصمة (الصورة جمعتنا في مسيرة داعمة للأقصى).

وفي رمضان سنة 2016 زرته معزيا في وفاة شقيقيه إثر حادث سير مؤلم على طريق أطار، فقابلته مع أخيه زميلنا العزيز سيدي محمد ولد بلعمش، حيث كان صابرا محتسبا مؤمنا بقضاء الله وقدره، حدثني ليلتها عن هول المفاجأة ووقع الصدمة حين علم برحيل شقيقيه المفاجئ، وهو في الشارع العام عند محطة النقل بنواذيبو بعيدا عنهما، وعن الوالدين.. لكنه كان راضيا بالقضاء محتسبا شقيقيه عند الله.
كان رحمه الله شعلة حماس لدينه، وشلال عاطفة صادقة اتجاه نبيه صلى الله عليه وسلم، وكان الوطن والأمة يملآن عليه الزمان والمكان..
رحم الله الشاعر والمهندس والانسان، والمسلم أولا وأخيرا، الشيخ ولد بلعمش..
وأحسن الله عزاء الزميل سيدي محمد ولد بلعمش، وسائر أفراد الأسرة الكريمة..

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏3‏ أشخاص‏، و‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏
المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122