من أي بحر فى مديحك أبدأ../ الشاعر محمد ولد اعليه

2020-05-02 00:06:00

من أي بحر في مديحك أبدأ --- وجميع أوزان الخليل تطأطئ؟

فقوافل الشعراء قبلي سطروا --- أشعارهم كقلائد تتلألأ

.

وأنا على آثارهم أمشي كما يمشي العجوز على العصا يتوكأ

تتزاحم الكلمات وهي تروم ما -- لا تستطيع وكلها تتلكأ

تصيبني من فرط حبك دهشة --- مهما أصبت حدود مدحك أخطئ

فكأنني لا أهتدي لعبارة --- وكأنني في ما أقول أتأتئ.

من أين أبدأ والعبارة قصرت --- ومشاعري كالبحر ليست تهدأ

أوقدت مصباح المحبة لا أنا --- أغفو ولا المصباح يوما يطفأ

لو أن حسانا أعار مديحه --- ترعى البصيري ما أخط وأنشئ

وسلبت من قلب البراعي حبه --- وأمدني بخياله المتنبئ

وسعى ببردته إلي مسلما --- كعب وجاء الأصمعي يهنئ

وعدا أبو تمام نحوي معجبا --- بقصيدتي يثني علي ويطرئ

ورمى إلي البحتري بديعه --- وتنازلوا عن شعرهم وتبرأوا

حتى ملكت جميع ما قالوا وما --- كتبوا وما تحت الشعور يخبأ

لم أشف منك غليل قلبي..كلما --- أصـــل النهاية في مديحك أبدأ.

فلأنك المعصوم دمت معظما --- كل الخصال سوى خيالك تصدأ

ولأن حبك يا محمد مبدإي ---- فأنا أعيش لكي يعيش المبدأ

ولأن مدحك قوت روحي سيدي  --- فلـــكل قوت غيره أتقيأ

عمري سطور سطرت في صفحة -- وبكل سطر عطر مدحك يقرأ

ما دمت أبحر في المديح مجدفا -- فعبارتي مهما اضمحلت تنشأ

إن الرسول أساس كل فضيلة -- وأب لكل تقدم ما يفتأ

فبمدحه تعلو سماء سعادتي --- وبمدحه من كل شر أكلأ

وبه أرى حر المصيف برودة  وبه إذا عصف الشتا أتدفأ.

يا سيد الثقلين أنت وسيلتي  -- إذ لا وسيلة يوم عرضي تجزئ

يا قبلة الأرواح حين يلوكها --- عبء الزمان ومن إليه تلجأ

يا من تفيأت الأنام ظلاله --- ولظــــله لـــــما تزل تتــــفيأ

يا من دعوت إلى السلام موحدا -- فإذا الوجود من السنا يتوضأ

يا من خلقت كأن خلقك شئته -- قدما..فأنت من العيوب مبرأ

وتهيأت أصلاب أهلك للذي -- شاء الإله ولم تزل تتهيأ

والأمهات طهرن أرحاما فلا --- جنس بهن وليس فيها الأردأ

حتى ولدت مكرما ومبوأ --- ما لا سواك من الورى يتبوأ.

كم حدث الأحبار عنك وكم مضوا -- يترقبون كوم بدينك انبأوا

وتحدث التوراة والإنجيل عنك --- مبشرين بخير خير يطرأ

فيك الرسالات السماوية انتهت --- وبك المكارم والمعالي تبدأ

ولقد بهرت بمعجزات كلها -- حجج بأنك صادق ومنبأ

فإذا مررت على طريق أجدبت -- نبتت فلا يبقى لجدب موطئ

وإذا مسحت يدا على ذي علة -- من كل داء عاث فيه يبرأ

وإذا حكمت فكل خصم في رضا --عن خصمه والكل عدلا يهنأ

وإذا غضبت فما لنفسك غضبة --- لكنها للدين حين يشنأ

وإذا ظمئت كفتك أبلغ جرعة -- وإذا طعمت أقل قوت مجزئ

وإذا سخوت فأنت بحر هائج  -- وإذا نطقت فكل صوت يخسأ

وإذا غزوت فأنت أكرم من غزا --- وإذا عتبت فلا تشير وتومئ

وإذا صفحت نسيت كل إذاية --- وإذا فتحت فأنت أنت الأكفأ

وإذا قدرت فأنت كلك رحمة -- وإذا ابتسمت يغار منك اللؤلؤ.

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122