قراءة فى أبعاد الهجوم الإرهابي على مسجد لندن

2017-06-20 03:23:00

خطورة الهجوم الإرهابي الذي استهدف مصلين كانوا خارجين بعد أداء صلاة التراويح والتهجر في مسجد “فنزبري بارك”، شمال لندن، تكمن في كونه جاء ترجمة عملية لموجات ظاهرة “الاسلاموفوبيا” التي بدأت تتصاعد ضد المسلمين في بريطانيا، وعواصم أوروبية أخرى في السنوات الأخيرة.

.

الجماعات العنصرية كانت تكتفي في السابق في اعمال التظاهر والاحتجاج، وتدنيس المقابر الإسلامية بشعارات عنصرية، او الهجوم على بعض المساجد أيضا، لكن الاقدام على دهس المصلين بهذه الطريقة الإرهابية تطور لافت يفرض تحديات امنية كبيرة على الحكومة البريطانية، والأجهزة الأمنية التابعة لها.

بريطانيا شهدت في الأشهر الماضية ثلاثة هجمات إرهابية تراوحت بين عمليتي دهس، وثالثه انتحارية، نفذها شاب بريطاني من اصل ليبي فجر نفسه في حفل لمغنية البوب اريانا غراندي في مدينة مانشستر، اواخر الشهر الماضي، مما أدى مقتل 22 شخصا واصابة 116 آخرين.

السيدة تريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا اعتبرت الهجوم على مسجد “فنزبري بارك” إرهابيا، واشادت بالشرطة التي تحركت الى المكان في دقائق معدودة، لكن المشهد الأهم هو اقدام مصلين على اعتقال المجرم الإرهابي وتسليمه الى الشرطة دون الاقدام على أي عمل انتقامي مثل الاعتداء عليه او قتله، مما يؤكد ان الجالية الإسلامية البريطانية، او الأغلبية الساحقة منها تحترم القانون وتنبذ كل اشكال الإرهاب.

اختيار مسجد “فنزبري بارك” ومصليه لم يكن اعتباطيا، فهذا المسجد كان عنوانا للتطرف في التسعينات واوائل القرن الحالي، وارتبط بالداعية المصري المتشدد ابو حمزة المصري، الذي كان يخطب فيه كل يوم جمعة، وجرى تسليمه الى الولايات المتحدة بتهم الارهاب، لكن إدارة المسجد تغيرت وجرى ايكالها الى مجلس من الشخصيات الإسلامية المعتدلة، وكان لافتا ان امامه الشيخ محمد محمود كان يعمل على تهدئة المصلين بعد الحادث، ويطالبهم باعتقال الإرهابي المنفذ وتسليمه الى الشرطة وعدم الاعتداء عليه بالضرب.

هذه العملية الإرهابية ذات الطابع العنصري التحريضي البغيض والدموي التي استهدفت مصلين مسلمين آمنين تصب في مصلحة المتطرفين، وداعميهم، و”الدولة الإسلامية” على وجه الخصوص، التي تنبت عملية الدهس والتفجير السابقة في بريطانيا، وتحتم في الوقت نفسه تشديد الحراسة على المساجد والمؤسسات الإسلامية من قبل الشرطة.

الجالية الإسلامية البريطانية التي تحترم القانون وتنبذ الإرهاب باتت ضحية جميع الاعمال الإرهابية، سواء كان منفذوها يدعون الانتماء الى الإسلام، او من العنصريين اليمينيين، وهنا تكمن المفارقة الكبرى، ولذلك فانها، أي الجالية الإسلامية، تستحق كل التعاطف والحماية خاصة في الايام والاشهر المقبلة التي تتوقع ان يرتفع منسوب العمليات الارهابية ضدها، من كل الجوانب.

“راي اليوم”

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122