مرصد اللغة العربية ينظم ندوة تحت عنوان: اللغة العربية لغة دين وهوية

2017-03-01 14:30:00

نظم المرصد الوطني للغة العربية مساء اليوم بقاعة المتحف الوطني ندوة ثقافية تحت عنوان: "اللغة العربية لغة دين وهوية" حضرها جمهور متميز ضم وزراء سابقين وقادة فكر ورأي؛

.


الندوة تميزت بإلقاء كلمة قيمة لرئيس المركز الدكتور أحمد دوله ولد المهدي أبرز فيها المكانة الرفيعة التى تحتلها اللغة العربية بين لغات العالم، موضحا أنها يكفيها شرفا أنها لغة ءاخر الرسالات السماوية، وأن الله أثنى عليها فى أزيد من عشر ءايات، مشيدا جل جلاله بفصاحتها وبيانها.

.

وأضاف أن جميع الدراسات التى تجريها مراكز الأبحاث العالمية تثبت أن اللغة العربية فى طليعة اللغات العالمية الحية وأنها لا تخشى الاندثار ولا التقادم.

وحث ولد المهدى على إعطاء اللغة العربية مكانتها وطنيا وجعلها لغة رسمية حقيقية

بعد كلمة رئيس المركز أفسح المجال أمام الحضور حيث ألقى الأستاذ عبد الله صو عرضا بين فيه أهمية اللغة العربية بالنسبة للمسلمين بوصفها لغة القرءان، ولغة الحديث الشريف، الأمر الذى جعلها رمز للهوية الإسلامية.

وتطرق صو إلى أنها تشكل عامل وحدة بالنسبة لنا كموريتانيين بغض النظر عن تعدد انتماءاتنا واختلاف أعراقنا.

المتدخلون أجمعوا على ضرورة الرفع من قيمة العربية وجعلها لغة رسمية حقيقية تدرس بها جميع المواد المدرسية وتستخدم فى مختلف مرافق الدولة.

 

وهذا نص كلمة رئيس المرصد:

 

 اللغة العربية دين وهُوية

 

للغة تعريف و وظيفة, أما التعريف فهو ما عرفها به المتقدمون بقولهم: إنها ألفاظ يعبر بها كل قوم عن أغراضهم. وهذا التعريف يروِى عن أبي الفتح ابن جني.

والتعبير الذي ذكره كغيره من المتقدمين, له عدة مستويات يذكرها الباحثون  في فلسفة اللغة و وظائفها. ويذكر هنا أن مستويات التعبير تختلف باختلاف الأغراض فإذا كان الغرض شريفا كان التعبير عنه شريفا. وإذا كان المعبر عنه متواضعا كان التعبيرعنه  كذلك متواضعا.

واللغة من حيث هي ذات مكانة أساسية في إدراك الأشياء. لأنها تشكل ثلاثة أرباع الوجود ـ باتفاق أهل الفكر والنظرـ  الذين نظروا في المجودات فوجدوا للشيء أربعة أنواع من الوجود, هي الوجود العيني أي الوجود في الطبيعة. والوجود اللساني الذي هو ترجمة لسابقيه: العيني والذهني. وللثلاثة رابع هوجود التوثيق أي الكتابي. واللغة تشتمل على الأنواع الثلاثة الأخيرة. فهي موجودة: في الذهن و موجودة في التعبير و موجودة في الكتابة. ومن المتفق عليه أن الفكر لغة صامتة, وأن اللغة فكر ناطق.

  وبالتالي     فإن اللغة جوهرية في حياة الأمم؛ لأنها الوعاء الذي يحمل الفكر وينقل المفاهيم ويرسخ الأخلاق. يقول أحد المؤرخين الواصفين

 «إن اللغة مظهر من مظاهر التاريخ, والتاريخ صفة الأمة كيفما قلَّبْتَ أمر اللغة ـ من حيث اتصالها بتاريخ الأمة واتصال الأمة بها ـ وجدتها الصفة الثابتة التي لا تزول إلا بزوال الأمة وانسلاخها من تاريخها»ويصفها أحد الفلاسفة الغربيين بقوله:«اللغة تجعل من الأمة الناطقة بها كُلاًّ متراصا. إنها الرابطة الحقيقية بين عالم الأذهان وعالم الأجساد»

وفي الحقيقة فإن أهمية اللغة عند كل أمة هي أهمية وجودها؛لأن اللغة هي قوام الأمة وأساس بنيانها الحضاري وأمن حاضرها ودليل مستقبلها, ومن رغب عن لغته ليس له وجود في خارطة أمته.    

 

     إن الحفاظ على اللغة العربية  مسؤوليتنا جميعا لأنها لغة رسالة الإسلام الخالدة, فالإسلام واللغة العربية مترابطان لا ينفصلان ما بقي القرآن الكريم موجودا  ولا يدخل الإسلام بلدا إلا دخلته لغته, ولما كان فهم معاني القرآن الكريم  يتوقف على معرفة لغته كانت المعرفة ضرورية’  ولقد جاء الثناء على العربية من خلال وصف القرآن بأنه عربي ولقد  جاء ذلك صريحا في اثنتي عشرة آية  وردت في إحدى عشرة سورة  كلها في مقام الثناء, منها قوله تبارك وتعالى: ( وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين  بلسان عربي مبين)  ومنها قوله تعالى: (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين)  وقوله تعالى:(وكذلك أنزلناه حكما عربيا...) و قد ورد ذلك أيضا بأساليب أخرى في أكثر من سورة من كتاب الله العزيز, مثل قوله تعالى:(وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) وقوله (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)إلى غير ذلك؛ لهذا نص العلماء على أن معرفة اللغة من الواجبات الشرعية.  ولذلك حث علماء الأمة ـ في كل عصر ومصر ـ على تعلمها باعتبارها واجبا دينيا  قبل أن تكون حفظا للهوية القومية.       قال الإمام الشافعي: 

حفظ اللغات علينا   فرض كحفظ الصلاة

إذ ليس يحفظ دين    إلا بحفظ اللغــــات 

وكذلك قول علماء هذه البلاد, من ذلك قول: محمد بن الطلبة:

أول واجب على من كلفا      تعلم اللغة حتى يعرفا

معنى الإله باللسان العربي   لأنه مفتاح نيل الأرب

وقال الشيخ محمذ فال بن متالي:

تعلم اللغة شرعا فضلي    على التخلي لعبادة العلي

ومنذ أن دخل الإسلام هذه الأرض في القرن الأول للهجرة انتشرت اللغة العربية بانتشاره ولم تزل تنمو وتتمكن حتى بلغت غايتها وتم ازدهارها وبازدهارها احتلت العلومُ الإسلامية جميعُها في هذه البلاد مكانا عظيما لا يقل عن ما وصلت إليه في قرونها الزاهية في المشرق والمغرب. واستمرت في الانتشار والقوة والسيطرة المطلقة قرونا عديدة وأحقابا مديدة إلى أن جاء الاحتلال الفرنسي وبسط نفوذه العسكري والسياسي على هذا الإقليم

وقد واجه أهل الأهالي الاحلال بمقاطعة ثقافية عنيدة فكان تأثيره محدودا ـ في البداية ـ لكن التأثير الحقيقي له  بدأ يظهر بعد ذلك خاصة على مسار التعليم النظامي؛لأن الإدارة التي بقيت تحكم البلاد بعد رحيل المحتل إدارة فرنسية اللغة, والتعليم النظامي الذي تركته الإدارة الفرنسية فرنسي ـ أيضا ـ في غالبه, وقد شهد التعليم بعد ذلك مدا وجزرا, ولكنه بطبيعة الحال بقي مرتبطا بالإدارة المفرنسة.     والله غالب على أمره.  وان لغة أعطت لأبنائها عطاء اللغة العربية جدير بأبنائها أن يحفظوها كما حفظت عليهم دينهم  وقيمهم وتراثهم. وأن لا يستسلموا لحملات الاستلاب الحضاري

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122