أيام ترامب الأولى تعكس عمق الانقسام السياسي في أمريكا (تحليل)

2017-01-23 17:24:00

(رويترز) - انتشرت على أرصفة الشوارع في المنطقة المحيطة بالبيت الأبيض يوم الأحد لافتات تحمل شعارات تهاجم سياسات الرئيس الجديد دونالد ترامب مثل "ابنوا الجسور ولا تبنوا الجدران" من بقايا المسيرة النسائية للاحتجاج على هذه السياسات.

.

ومن هذه الشعارات أيضا شعار "الحب يقهر الكراهية" الذي يتلاعب أصحابه بمعنى كلمة ترامب في اللغة الانجليزية والمقصود بها هنا الفعل "يقهر".

وقف كل من أنصار ترامب من جانب والرجال والنساء الذين شاركوا في مظاهرات السبت المناهضة له من جانب آخر طويلا أمام عواقب الاحتجاج وتفكروا في الثماني والأربعين ساعة الأولى من فترة ولايته والتي كان التشنج سمتها.

تقول ماري فوستر التي شاركت في أول مظاهرة سياسية في حياتها يوم السبت إن العطلة الأسبوعية زادت من حدة مخاوفها من تزايد انقسام البلاد بعد انتخابات مريرة.

وأضافت فوستر (42 عاما) المتخصصة في شؤون تنظيم البيئة من نيويورك "أعتقد أننا نزداد تباعدا... حقيقة لم تعد هناك أرضية مشتركة. يبدو أننا نفقد الأرضية المشتركة."

 

كانت فوستر قد صوتت للديمقراطيين والجمهوريين في الماضي لكن ما دفعها للمشاركة في المسيرة هو تصريحات وسياسات ترامب -رجل الأعمال الذي أصبح رئيسا- والتي يرى اليسار أنها مسيئة للمرأة وللأقليات.

ومثل فوستر خرجت ملايين النساء مدعومات برجال من أفراد أسرهن وأصدقائهن للمشاركة في مسيرات في مختلف المدن الأمريكية في تحد جاء أكبر بكثير من المتوقع للرئيس الجديد.

وقالت فوستر "كانت هناك أمور أكثر توحدنا والآن أشعر أننا أكثر انقساما مما كنا عليه."

ويتفق كثير من الأمريكيين مع هذا الرأي.

فقد أظهر استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث وصدرت نتائجه يوم الخميس أن 86 بالمئة من الأمريكيين يعتقدون أن البلد أصبح منقسما سياسيا أكثر مما كان في الماضي. وقفزت هذه النسبة من مستوى 46 بالمئة في استطلاع مماثل أجري قبل ثماني سنوات قبيل تنصيب الرئيس السابق باراك أوباما.

ويتفق الديمقراطيون والجمهوريون في الرأي بشأن الانقسام السياسي في تحول كبير عن عام 2009 عندما كان أكثر من نصف الجمهوريين يعتقدون أن البلاد تزداد انقساما بالمقارنة مع أربعة من كل عشرة ديمقراطيين.

ويرى العديد من المراقبين أن حكم ترامب من شأنه تعميق الانقسام. وكان ترامب قد فاجأ الحزبين بفوزه في الانتخابات يوم الثامن من نوفمبر تشرين الثاني وترك بصمته على صفحة السياسة العالمية بخطاب اتسم بالجرأة وبالهجومية في بعض الأحيان.

وكتب ترامب على حسابه على تويتر صباح الأحد "شاهدت احتجاجات الأمس وكان انطباعي هو أننا أجرينا انتخابات لتونا فلماذا لم يصوت هؤلاء الناس؟" وأضاف فيما بدا نبرة استرضائية "حتى لو لم أكن أتفق مع ذلك دائما فأنا أسلم بحق الناس في التعبير عن آرائهم."

وقال أغلب العشرات الذين التقت بهم رويترز من المشاركين في الاحتجاجات إنهم صوتوا للمنافسة الديمقراطية هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة. ونظمت أكبر المسيرات في الولايات التي أيدت كلينتون مثل كاليفورنيا ونيويورك والينوي وماساتشوستس ومقاطعة كولومبيا.

ولم تقدم كلمة ترامب يوم تنصيبه ما يمكن اعتباره رسالة لتوحيد الشعب.

فخاطب أنصاره مباشرة ورسم صورة قاتمة عما سماه "المجزرة الأمريكية" لبلد يمتلئ بالمصانع الصدئة وتنتشر فيه الجريمة وتعهد قائلا "من الآن فصاعدا لن يكون هناك سوى أمريكا أولا."

وتكذب الإحصاءات تلك الصورة القاتمة التي يرسمها الرئيس البالغ من العمر 70 عاما فتظهر مستويات بطالة منخفضة وتراجعا في معدلات الجريمة على مستوى البلاد. لكن ترامب حصل على الكثير من الأصوات في أجزاء من البلاد تضرر فيها بشدة قطاع الصناعة ويشعر سكانها أنهم تعرضوا للتجاهل وفاتهم قطار الانتعاش.

 

* الكونجرس يزيد الأمور سوءا

تشير هيمنة الجمهوريين في واشنطن إلى أن الانقسام الحزبي سيزداد عمقا على الأقل على مدى العامين المقبلين حتى انتخابات الكونجرس المقبلة.

قالت ويندي شيلر أستاذة العلوم السياسية بجامعة براون "لا شك أن ترامب عمق الانقسامات التي كانت قائمة بالفعل في الولايات المتحدة في قضايا مهمة مثل الأمن القومي والحقوق المدنية والتغير المناخي."

وأضاف "تقسيم البلاد وصفة جيدة للفوز في الانتخابات لكنه ليس وصفة للنجاح في الحكم."

ويرى المراقبون السياسيون أن الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلسي الكونجرس ليسوا في حاجة للتواصل مع الديمقراطيين الذين قد يفضلون بدورهم مهاجمة مقترحات الجمهوريين بدلا من السعي لإيجاد حلول وسط من أجل حشد تأييد أنصارهم في انتخابات التجديد النصفي.

وقال جيفري بيري أستاذ العلوم السياسية في جامعة تافتس خارج بوسطن "فكر رجال الكونجرس من الحزب الديمقراطي أكثر يسارية من فكر القاعدة الشعبية للديمقراطيين ويصدق الشيء نفسه على الجمهوريين فهم أكثر يمينية."

وأضاف "الكونجرس يزيد الوضع سوءا فهو ليس قوة تعمل على تحقيق الاعتدال."

ويشكك أنصار ترامب في منطقية تنظيم مظاهرات احتجاج بهذه الضخامة في اليوم الأول من توليه السلطة قبل أن يتخذ أي إجراءات تتعلق بالسياسات.

وتقول كيمبرلي مورجان (54 عاما) وهي مدرسة تم الاستغناء عنها في ألاباما "لم يعطوه أي وقت. يفترضون فقط أنه سيقوم بعمله بشكل سيئ."

وكانت مورجان تؤيد بن كارسون في الانتخابات التمهيدية لكنها صوتت لصالح ترامب بعد خروج جراح الأعصاب المتقاعد من المنافسة.

وارتدت مورجان قبعة ترامب وهي في طريقها إلى وسط واشنطن يوم الأحد مع أسرتها في بادرة عدلت عنها يوم السبت بسبب المظاهرات المناهضة له.

وقالت "الناس تفترض العديد من الأشياء عنك لمجرد أنك صوت لصالح ترامب. الناس تفترض أنك عنصري. نحن لسنا عنصريين."

وتابعت "من الصعب أن تستمع للناس وهم يصيحون في وجهك

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122