ندوة حول المخطوطات فى الغرب الإسلامي بالثقافي المغربي

2016-12-29 05:48:00

احتضنت قاعة المحاضرا  بالمركز الثقافي المغربي بنواكشوط، مساء أمس الأربعاء، ندوة ثقافية تضمنت محاضرة حول المخطوطات في الغرب الإسلامي ألقاها الدكتور حماه الله ولد ميابى أستاذ بجامعة نواكشوط العصرية، وذلك بحضور كبير من الباحثين والمثقفين والإعلاميين.

.



الندوة افتتحها مدير المركز الأستاذ: محمد فيصل فرشاوي قائلا: "يسعدني أن أرحب بكم أيها الحضور الكريم في صرحكم الثقافي، ترحيبا يفوح بعطر المحبة الصادقة وأريج الأخوة النابعين من عمق العلاقات العريقة والمتينة التي تجمع بين بلدينا الشقيقين، المغرب وموريتانيا، كما أشكركم على وجودكم معنا في هذه اللقاءات الجميلة التي دأب المركز الثقافي المغربي على احتضانها والتي تترجم على أرض الواقع حرصنا جميعا على الاحتفاء المتجدد بالمشترك الجميل بين مجتمعينا وبلدينا، والوفاء الضمني والمتبادل للمعاني والقيم النبيلة التي تشد هذه العلاقات، ومنها الوشائج الثقافية حيث التسامي والتثاقف وتنمية المدارك غاية الإرادات ومنتهى الغايات".

وأضاف "

وسيتناول السيد المحاضر بعد قليل موضوع "المخطوطات في الغرب الإسلامي".

وكما تعلمون، فقد حظي ويحظى موضوع المخطوطات العربية باهتمام كبير من لدن الباحثين والمهتمين في مختلف ميادين المعرفة سواء تعلق الأمر بالبحث عن هذه المخطوطات أو صيانتها أو فهرستها أو تحقيقها أو نشرها.

ويتحدث المتخصصون في شبه إجماع عن غزارة ما ألفته الأمة العربية والإسلامية على مر العصور في مختلف مجالات الفنون والمعرفة، وعن توافر ملايين من المخطوطات العربية في مكتبات رسمية وخاصة في دول عربية وغربية وإسلامية، بالرغم من ضياع وإتلاف جزء كبير من هذا التراث بسبب النكبات التي توالت على العالم العربي والإسلامي على يد التتار وجراء محاكم التفتيش وتكالب الاستعمار.

ولقد قام الغرب الإسلامي بدور هام في إغناء التراث العربي والإسلامي المكتوب والحفاظ عليه عبر توالي العصور، وفي هذا الصدد يقول الأستاذ والباحث الجليل الدكتور محمد حجي :

"إذا كان الشرق الإسلامي قد سبق في ميدان الإنتاج الفكري مع العباسيين في بغداد، فإن الغرب لم يلبث أن دخل حلبة السباق العلمي مع الأمويين في قرطبة، والأغالبة في تونس، والمرابطين والموحدين في مراكش، ثم لم ينقطع التأليف عند المسلمين حتى في عهد ما سمي بعصر الانحطاط".

وعن اهتمام ودور المغاربة في هذا المجال يقول الدكتور أحمد شوقي بنبين:

"إن اهتمام المغاربة بالكتاب قديم، وتقديسهم للورقة المكتوبة عريق. فلا غرابة إذن في كون المغرب يحتضن خزانات تضم أهم الأرصدة المحفوظة في مختلف بلدان الغرب الإسلامي "

ويسترسل مبينا شغف المغاربة باقتناء الكتب النادرة وتوفر مكتباتهم على نفائس فريدة من التراث المخطوط قائلا: "تتوفر في مسجد خزانة بزو، وهي مدينة صغيرة على جبال الأطلس، النسخة الوحيدة في العالم لكتاب (البرصان والعرجان والعميان والحولان) للجاحظ".

ووعيا منها بالقيمة العلمية والتاريخية للمخطوطات، تعمل مؤسسات عربية رسمية وخاصة منذ عقود على جمع وحفظ ما توفر من التراث العربي المخطوط وترميمه وصيانته وفهرسته وتحقيقه ونشره. بيد أن واقع كثرة المخطوطات يرافقه واقع آخر هو واقع قلة عدد المهنيين المتخصصين في تقنيات وطرق التعامل مع المخطوطات.

وبعد هذا التقديم العام الموجز أفسح المجال للسيد المحاضر فليتفضل بإلقاء محاضرته مشكورا"

بعد كلمة المدير قدم المحاضر عرضه القيم عن المخطوطات فى الغرب الإسلامي وهذا نص المحاضرة:

 

تقديم:

 

يعتبر التراث الإسلامي من أغنى التراث في العالم، لما يتسم به من عمق وسعة غطت مجمل معارف الإنسان في مختلف العصور، وقد كان دوره فعالا في إقامة الصرح الحضاري للأمة الإسلامية، ومثل خلاصة إسهامها في الفكر العالمي، حيث استوعبت حضارات الأمم القديمة وتمثلها وأضافت إليها،وقد استطاع الغرب إبان نهضته أن يحصل على كثير من تلك الكنوز ونقلها إلى بلاده بغية الاستفادة منها، وقد تم له ذلك بالفعل، فكانت من ضمن المصادر المعرفية الهامة التي قامت عليها النهضة الغربية الحديثة، ومع ذلك فمازالت مكتبات العالم تحتوي الكثير من كتب التراث والمخطوطات الإسلامية، تنتظر الهمة العالية والعزيمة الوثابة من أبنائها لإخراجها إلى حيز الوجود.([1])

وقد تعرضت المكتبات الإسلامية إلى التدمير والاندثار والضياع، والحريق مثل ما فعل التتار لمكتبات بغداد، والأسبان للمكتبات العربية بعد سقوط الأندلس، وعمليات النهب المنظمة التي عرفتها المكتبات الإسلامية خلال فترات الاستعمار الغربي، إلى غير ذلك من أسباب الدمار التي حلت به من ثورات وحروب خارجية أو محلية، ورغم كل ذلك فما تزال الثروة الإسلامية من المخطوطات تقدربحوالي ثلاثة ملايين مخطوطة متبقية حتى الآن([2]).

إن معالجة هذه المخطوطات من كافة النواحي مثل الجمع والحفظ والتحقيق والنشر والفهرس هو ما يجب على الأمة القيام به، فتراث الأمة هو هويتها، وهو ضميرها وحامي أصالتها، ولا تستطيع أمة أن تصنع مستقبلها إلا إذا أحيت تراثها ودعمت جذورها، وربطت بين حاضرها وماضيها ومستقبلها لما يمثله التراث من حضور قوي وفاعل في تكريس الحاضر، وتحديد سماة المستقبل.

تلك توطئة رأينا ضرورتها هنا، ولعلنا بحاجة إلى الانطلاق من استجلاء مفهوم المخطوط

مفهوم المخطوط؛

قال الفيروزابدي في القاموس المحيط: (الخط الكتب بالقلم)،([3])وقال ابن منظور في لسان العرب: (وخَطَّ الشيءَ يَخُطُّه خَطّاً: كتبه بقلم أَو غيره)([4])وقال الزمخشري: (خطّ الكتاب يخطه. }ولا تخطه بيمينك {وكتاب مخطوط).([5])ولا يتحدث الباحثون عند تعريفهم للمخطوط إلا بعد تقديم لفظ كتاب ليكون الكتاب موصوفا والمخطوط صفة، فيقولون الكتاب المخطوط، حيث لا يعد كل ما كتب باليد مخطوطا بالضرورة، فالنقش على الحجارة مثلا ليس مخطوطات، ومن هنا يتوجب علينا التنبيه إلى أنّ المخطوط هو الكتاب المخطوط باليد سواء كان في شكل لفائق أو في شكل صحف ضم بعضها إلى بعض على هيئة دفاتر أو كراريس،([6])وبهذا التحديد تخرج الرسائل والنقوش والصكوك عن حدود معنى المخطوط في مفهومه المقصود.

والمخطوط هو الكتاب المكتوب بخط اليد، سواء كان على الورق أو الصحف أو المهارق أو البردي أو الجريد أو الخزف أو الزجاج، لكن بعض الدارسين يشترطون فترة زمنية ليستحق أن يوصف بالمخطوط، و اختلفوا في تحديد الفترة، حيث اشترط بعضهم أن يكون قد كتب قبل ظهور الطباعة، وهو قيد غير دقيق، ولا منضبط، فالطباعة قد دخلت منذ نحو خمسمائة عام وعلى هذا: تخرج آلاف المخطوطات المنسوخة والمكتوبة بعد ذلك التاريخ، وإن كان المراد قبل دخولها إلى العالم الإسلامي فهذا غير منضبط أيضا، فدخول الطباعة في الدول الإسلامية متفاوت تفاوتًا كبيرًا.

وقد ورد في كتاب (تعريف) ما نصه: (أما التراث عندنا فهو الكتب الخطية وما فيها من قديم أصيل نافع في كل أبواب المعرفة، وهي بضعة ملايين مخطوطة في العالم، حددها بعض الباحثين بثلاثة ملايين، وقال إن المعروف منها حوالي مليون ونصف تشمل على خمسين أو ستين ألف كتاب نشر منها (1%) واحد بالمائة فقط، من عصر الطباعة حتى اليوم.([7])

وعلى العموم فالمخطوط هو الكتاب المخطوط بالحرف العربي ويشمل مخطوطات الدول الإسلامية كافة([8]).

ويبقى السؤال الهام هو: هل بقيت لتلك المخطوطات من قيمة بعد وجود الطباعة وتجاوز كثير من المعارف القديمة؟

 

القيمة والوظيفة

إن للمخطوطات أهمية‌ مزدوجة، فهي أهم حوامل المعرف الإنسانية والحافظ الأساسي لها من جهة، وبالتالي فالحفاظ عليها حفاظ على التراث والهوية من الضياع والذوبان، وقد بات من المسلم أن التقدم أيضا رهن بإحياء العناصر الحضارية النافعة في ثقافة الأمة، ثم هي أيضا تحف فنية ومصدر جذب سياحي، يدر على البلد الذي توجد به مداخيل اقتصادية هامة، وعلى العموم فقد تلخص قيمة المخطوطات فيما يلي:

01. قيمة علمية، قوامها ما يتضمنه المخطوط من علوم ومعارف، قد يكون هو مصدرها الوحيد، وتبقى هذه القيمة للخطوط حتى بعد طبعه، إذ هو المصدر الذي تصحح عليه المطبوعات، ويعاد إليه في حالة الشك أو قصد التأكد من معلومة ما، وهذه القيمة يمكن اعتبارها هي الأصل.

 02. قيمة فنية متأتية من قدم المخطوط وندرته، وآثار الصنعة اليدوية خصوصا منها تلك التي تتضمن لمسات فنية عالية من خطوط جميلة، أو أصباغ وزخارف، أو رسوم وتزويقات.

03. قيمة تاريخية، إذ تمثل المخطوطات أهمية كبيرة في حياة الأمم، باعتبار أنها تمثل تاريخ الأمة وتراثها، ومن هذا المنطلق فإنها تمثل مادة أساسية للدارسين في مجال التاريخ والآثار، إضافة إلى أنها تبقى دائما هي الشاهد الحي على حقبة تاريخية من حياة الإنسان عموما، وخصوصا ما يتعلق بحياته العلمية التي تلخص تاريخ الحضارة عامة.

مخطوطات الغرب الإسلامي النشأة ومراحل التطور

 

تعتبر بلدان الغرب الإسلامي ضمن البلدان التي جمع أهلها ثروة كبيرة من المخطوطات، تترجم ذلك ثروتها من الأرصدة التي تزخر بها المكتبات المتعددة في مختلف أرجائها، جمعوها من بقاع العالم، واستنسخوا بأناملهم كثيرا منها، وألفوا وأضافوا من إبداعهم أكثر من كل ذلك.

وسنحاول في هذه العجالة إلقاء الضوء على المخطوطات العربية في الغرب الإسلامي من خلال تاريخ نشأتها وتطورها، وقفين على ذلك من حيث الكمًّ وكيف، تاركين البحث في جوانب أخرى لمناسبات أخرى حتى لا يتشعب علينا الموضوع فلا تكفيه المنسابة المخصصة لهذه المداخلة.

ولعل ظهور الكتاب العربي في الغرب الإسلامي كان في مدينة القيروان باعتبارها أول مدن الغرب الإسلامي التي شهدت نهضة معرفية بوأتها الريادة في المنطقة فشكلت فيها المنطلق الأول للمخطوط، حيث أنشأ الفاتحون في نهاية القرن الهجري الأول الجوامع لتعليم القرآن والحديث ، وانبرى لهذه المهمة علماء من المشرق جاءوا من البصرة والكوفة.

وعرفت القيروان بعد ذلك نموا مطردا فانتشرت بها المخطوطات وأنشئت فيها المكتبات العامة والمكتبات الملحقة بالجوامع والمدارس والزوايا، ومن أشهرها مكتبة بيت الحكمة الذي أنشأه الأغالبة في القرن 3 هـ محاكاة لبيت الحكمة في بغداد، وكان إبراهيم بن أحمد الأغلبي يبعث البعثات إلى بغداد لاقتناء جديد الكتب. وكان بيت الحكمة معهدا علميا للدرس والبحث العلمي والترجمة، ومركزا لنسخ المصنفات، وكان يتولى الإشراف عليه حفظة مهمتهم السهر على حراسة ما يحتويه من كتب، وتزويد الباحثين والمترددين عليه من طلاب العلم بما يلزمهم من هذه الكتب حسب تخصصاتهم، ويرأس هؤلاء الحفظة ناظر كان يعرف بصاحب بيت الحكمة.

ثم أخذت مدينة قرطبة تزدهر فنزح إليها كثير من علماء المشرق يحملون معهم مصاحفهم وكتبهم. فنشأت بفضل هذا التمازج حضارة كتابية كبرى وأدى التواصل المستمر مع المشرق إلى نشاط مكثف يتمثل في نسخ المخطوطات، بحيث تروي الأخبار أن عدد الكتب التي تنسخ كل سنة في قرطبة يتراوح بين ستين وثمانين ألف مخطوط. ([9])

وقد كان بضاحية قرطبة مئة وسبعون (170) امرأة يكتبن المصاحف بالخط الكوفي ويسمى بالجزم. وقد بلغ هذا النشاط ذروته في القرن الرابع الهجري مع مكتبة الحكم المستنصر الأموي (366 هـ) التي بلغ عدد كتبها أربع مئة ألف (400.000) مخطوط حسب كثير من الروايات. وقد أبيدت هذه الخزانة على أثر الفتن التي عرفتها الأندلس في القرن الخامس الهجري. ([10])

 وقد أولى الأندلسيون اهتماما كبيرا للكتب, قال ابن سعيد عن قرطبة: "قال والدي: وهي أكثر بلاد الأندلس كتبًا, وأشد الناس اعتناء بخزائن الكتب, صار ذلك عندهم من آلات التعيين والرياسة حتى إن الرئيس منهم الذي لا تكون عنده معرفة يحتفل في أن تكون في بيته خزانة كتب, وينتخب فيها, ليس إلا لأن يقال: فلان ليس عنده خزانة كتب, والكتاب الفلاني ليس هو عند أحد غيره, والكتاب الذي هو بخط فلان قد حصله وظفر به"([11])

وفي فاس أنشأ الأدارسة دارا للمخطوطات ولم يدخروا وسعا في اقتناء الكتب واستنساخها، لتكوين أجيال العلماء لمنافسة كلا من البلاطين العباسي والرستمي.


وقد عرف الخليفة الإدريسي  يحيى بحب العلم والكتب ومذاكرة العلماء، يقول عنه البكري  في  المسالك  أنه كان بقصره عدد كبير من الوراقين ينسخون له الكتب التي ملأ منها مكتبة عظيمة، فكانت المثال الذي قلده السلاطين منذ ذلك العصر إلى اليوم، وفي مراكش شهد العهد المرابطي طفرة نوعية في كثرة المكتبات وغناها، فيوسف بن تاشفين عاد من الأندلس بالكثير من المخطوطات لعلها جزء مما تبقى من خزانة الأمويين الشهيرة بقرطبة ومجموعات أخرى من خزانات ملوك الطوائف الذين كانوا يتنافسون في جلب العلماء وتجميع الكتب والخزانات، ثم قام ابنه الخليفة علي بن يوسف ببناء الخزانة الكبرى، ولا تزال المكتبات إلى اليوم تضم ضمن محتوياتها كتبا تنسب إليه أو كتبت برسم خزانته الخاصة.

وفي تاهرت أنشأ عبد الوهاب بن عبد الرحمان بن رستم مكتبه عندما بعث إلى أصحابه بالبصرة بألف دينار ليشتروا له الكتب، فنسخوا له أربعين حملاً وبعثوا بها إليه، وبلغت محتوياتها ثلاث مائة مجلد، وأحرقت عن آخرها أسف من طرف الأغالبة إبان سقوط الدولة الرستمية.

ونقدر أنه من هذه المكتبة انتشرت الكتب في الصحراء المتاخمة لهذه الجهة من سجلماسة التي كانت تزخر بالمكتبات العامرة بالمخطوطات والوثائق، وقد تعرضت للنهب والاندثار، إلى جبل نفوسة الذي جمعت" خزانته" آلاف الكتب.

وستعرف منطقة الغرب الإفريقي بداية المخطوطات بعد ذلك بقليل، وستكون الكتب من أهم أصناف التجارة في الصحراء وبلاد السودان الغربي، وبات من أغلى البضائع وأصبح التجار يجنون منها فوائد عظيمة، وكانت الكتب تأتي من الشرق والمغرب ونشأت هناك حرفة الوراقة، وأضحت تجارة الكتب تفوق أي عمل تجاري آخر وباتت تتم مبادلتها بالذهب الذي كانت تنتجه بلاد جنوب الصحراء بوفرة .([12])

وكان العلماء والفقهاء في الحواضر الصحراوية يؤسسون المكتبات الخاصة في بيوتهم ، وفي دور التعليم، وفي الجوامع وفي أحيائهم المتنقلة ، ويحملون كتبهم على ظهور الجمال أثناء ظعنهم.

 وقد أهتم بعض الملوك والسلاطين السودانيين بالكتب اهتماما بالغا حيث أسسوا مكتبات بقصورهم فزخرت بالمخطوطات النفيسة في شتى الفنون، والمعارف، وعلى رأس هؤلاء الأسكيا داوود الذي كان مولعاً بالكتب شغوفا باقتنائها، فكانت له مكتبة ضخمة تعج بالكتب النادرة والثمينة، وكان له نساخ ينسخون له المخطوطات النادرة، وقد بلغ شغفه بالكتب أنه اشترى القاموس المحيط بمبلغ ثمانين مثقالا من الذهب الخالص.

 

ويذكر العلامة أحمد بابا التمبكتي في سياق حديثه عن تغريب أعيان عشيرته  إلى مراكش من قبل المنصور الذهبي قائلا: " كنت أنا أقل عشيرتي كتباً، وقد نهب لي ست عشرة مائة مجلد"

 المخطوطات الغرب الإسلامي والواقع

ظلت المعارف الإسلامية هي السائدة في الغرب الإسلامي برمته حتى بدء الزحف الأوروبي؛ فقد غطت مناحي الحياة جميعها، واتخذت صورتها المدونة في ذلك الكمّ العظيم من المخطوطات العربية الإسلامية التي زخرت بها المكتبات العامة والخاصة، وعمرت بها حواضر الدول والممالك الإسلامية، إلا أنه بعد غلبة الاستعمار وما أحدثه من تغيرات في أنظمة بلاد المسلمين في الجوانب السياسية والتشريعية والتعليمية؛ أصاب الثقافة العربية الإسلامية ركودا شديد نتيجة ما شنّه الاستعمار من حرب منظمة ضدها، بفرض لغته، وتحويل التعامل في دواوين الدولة إليها، وحصر العلوم الإسلامية في نطاق ضيق، وهو ما أضعف الاهتمام بالمخطوطات وأفقدها شيئاً من قيمتها العملية، فأوصدت عليها الخزائن ونهب كثير منه، وصارت إرثاً يتوارثه الأحفاد، ضمت بعضها مكتبات خاصة سيئة الحفظ، ومن أفضلها حظاً تلك التي وجدت طريقها إلى معاهد المخطوطات ومراكزها في الجامعات وغيرها، أو أدت بها الهجرة والسرقات إلى خارج ديارها لتجد مستقراً لها في أشهر متاحف المخطوطات في العواصم الغربية.

المخطوطات بالمملكة المغربية   

يعد المغرب اليوم من أضخم بلدان الغرب الإسلامي ثروة من المخطوطات حيث تقدر بحوالي مئتي ألف مخطوط، تتوزع بين عدد كبير من مراكز حفظ المخطوطات والوثائق التاريخية،([13]) وعلى رأرسها هذه المكتبات الخزانة الحسنية  بالرباط، التي  تضم حوالي10951 مخطوط و 140000 وثيقة تاريخية، والمكتبة الوطنية، وتضم حوالي11334 مجلد تضم حوالي 30.000عنوان، وخزانة القرويين بفاس وتضم 3823  مخطوط.

وخزانة ابن يوسف بمراكش، وتضم حوالي 2400مخطوط، والخزانة العامة بتطوان، وتضم حوالي 2407  مخطوط، وخزانة الجامع الكبير بمكناس، وخزانة زاوية تامكروت، وتضم حوالي 4200 مخطوط.

أما الخزانات الخاصة فيصعب الحديث عنها بالمغرب فبعضها اختفى وبعضها غير معروف، وبعضها لا يمكن الوصول إليه، وبعضها تم نقله من مدينة إلى أخرى ([14])

المخطوطات في الجزائر   

   تتوفر الجزائر على رصيد هام من المخطوطات العربية يوجد في مناطق مختلفة من البلاد، حيثأسفرت آخر عملية جرد لأهم المخطوطات الموجودة في الجزائر، عن إحصاء حوالي 35 ألف مخطوط على المستوى الوطني.

 ويمكن أن نذكر أهم مراكز تواجد المخطوطات بالجزائر، ولعل أهمها المكتبة الوطنية الجزائرية وهي مكتبة قومية تابعة لوزارة الثقافة والاتصال، ويرجع تاريخ إنشائها إلى سنة 1851-1835، وتضم 3576 مخطوط ومجموعة الشيخ البشير خزانة كتب خاصة، وتضم 400 مخطوط، مجموعة محمد بن يوسف اطفيش مكتبة خاصة، وتضم حوالي 500 مخطوط؛ وزاوية بوده: بها خزانة كتب خاصة أنشئت مع إنشاء الزاوية سنة 1074 هـ/1664م، وبها حوالي 300 مخطوط، وزاوية سيدي القاسم: بها خزانة كتب خاصة أنشئت في القرن الثامن عشر الميلادي، ويبلغ مجموع مقتنياتها من المخطوطات حوالي مائة مخطوط، وخزانة كوسان: خزانة خاصة تضم 300 مخطوط، وترجع تواريخ نسخها إلى القرن الثاني الهجري وما تلاه، وزاوية قصر ملوكة: وتضم حوالي 300 مخطوط، يرجع تاريخها إلى القرنين التاسع والعاشر الهجريين، وزاوية الأحداب: بها خزانة خاصة تضم حوالي 300 مخطوط، وترجع تواريخ نسخها إلى القرن الثامن الهجري وما تلاه، ومجموعة  الحاج مبارك بن صالح: وتشكل مكتبة خاصة تضم حوالي 300 مخطوط، وترجع تواريخ نسخها إلى القرن الثامن الهجري وما تلاه، مجموعة الشيخ بوزيد: وتشكل مكتبة تضم  410 مخطوط، وترجع تواريخ نسخها إلى القرن التاسع الهجري وما تلاه،خ وخزانة الشيخ عبد القادر العثماني: وهي خزانة كتب خاصة بها حوالي 500 مخطوط، وزاوية مطارقة: بها مكتبة خاصة، وتضم حوالي 800 مخطوط، وغير ذلك من المخطوطات. ([15])

المخطوطات في تونس

  وتعد تونس أيضا من البلدان تمتلك رصيدا هاما من المخطوطات، حيث كانت مدينة القيروان عاصمة العلم والثقافة وجامع الزيتونة مصدر إشعاع إفريقية والأندلس واستقطبت اهتمام العلماء والفقهاء من المشرق والمغرب. ولما كانت هذه الثروة على غاية من الأهمية سعت تونس إلى تجميعها من المساجد والزوايا والمكتبات و إلى سن التشريعات الخاصة بها و إيداعها بدار الكتب الوطنية وذلك للمحافظة عليها وحمايتها. ودأب المحافظون الذين تداولوا على إدارة المؤسسة على تنمية الرصيد العام للمخطوطات بالشراء والهبات ونتيجة لهذا التوجه بلغ عدد المخطوطات أربعين ألف.

بالإضافة إلى مراكز أخرى لها نصيب هام من المخطوطات مثل: مركز دراسة الحضارة الإسلامية: ويقدر عدد مخطوطاته العربية بخمسة آلاف مخطوط، وكلية الشريعة وأصول الدين: وبها مكتبة عامة، تشكل جزءا من مكتبة جامعة الزيتونة، وتضم حوالي 150 مخطوط، ومكتبة البارون درلانجي: وهي مكتبة خاصة، ويبلغ عدد مخطوطاتها 462 مخطوط، ومكتبة الباروني: بها مكتبة خاصة، وتضم 573 مخطوط، وغير ذلك من مراكز المخطوطات. ([16])

المخطوطات في ليبيا

أما ليبيا فثروتها من المخطوطات فقط ظلت غير معروفة حتى وقت قريب، ولعل أهم مراكز المخطوطات في ليبيا هي:مكتبة أوقاف طرابلسوتحتوي على حوالى 1280 مخطوط وقد ضُمت هذه المكتبة إلى مركز جهاد الليبيين وكونت مع محتوياته أهم مجموعة مخطوطة في ليبيا، والمكتبة المركزية بجامعة، وتضم أكثر من 2000 مخطوطة،وشعبة الوثائق والمخطوطات بمركز جهاد الليبيين للدراسات، وقد تمكن المركز من تصوير أكثر من (1500) مخطوطة وجمع ما يزيد عن (255) مخطوطة . وقد أضيفت إليه محتويات مكتبة الأوقاف السابقة الذكر ، وصور محتويات فرع غدامس وأغلب محتويات (معرض المخطوطات الليبي المالي 1990م)، والمخطوطات المشاركة في المسابقة الأولى للمخطوطات سنة 1989م ، وكان ذلك أنموذجا للتزويد النوعي والكمي الممتاز. ([17])

المخطوطات في موريتانيا

وتعد موريتانيا ضمن البلدان التي تملك رصيدا معتبرا من المخطوطات، وقد تعددت المصادر والوسائل التي وفرها بها الموريتانيون القدماء ثروتهم من المخطوطات وتنوعت، ولا يمكن حصر الكم الهائل والمتنوع من المخطوطات الموريتانية خاصة إذا ما اعتبرنا كل ما هو مخطوط من وثائق وعقود ورسائل وفتاوى ?

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122