إني لكم من الانهيار نذير..!!

2016-12-25 21:51:00

تجسد الكيان الموريتاني، في المعتبر من تاريخه، في بنية من قلب وقالب، أما القلب فهو الدين الإسلامي الواصل بلسانه العربي، وأما القالب، فناس جمعهم المعتقد والثقافة ونمط مميز من العادات والسلوك في حيز ترابي كان أكثر اتساعا قبل أن يتناقص على يد الاحتلال الفرنسي، ولكنه بقي، على كل حال، مميزا بكيفه وحدوده.

.

كانت بداية هذا المعتبر التاريخي في القرن الأول الهجري،
أما قبل ذلك فلم يعرف عن البلد أكثر بكثير من أنه كان مأهولا بمجموعات بشرية تعيش على نمط شبه بدائي من الصيد وجني الثمار، قبل أن ينزاح معظمها، أو بعضها، في اتجاه الجنوب حيث الغابات والبحيرات فرارا مما حل بهذه الصحراء من جفاف ، و قبل أن تحل محلها مجموعات صنهاجية مهاجرة من الشمال في القرن الثالث قبل الميلاد، وتكون المجموعات الصنهاجية أكثر تأقلما مع المناخ الصحراوي المزداد قساوة بالجفاف.

معروفة مراحل ((التخلق)) لهوية الكيان الموريتاني من بداية فتح الشمال الافريقي ومرور القوافل العابرة لهذه الصحراء من شمال القارة لجنوبها، الى قيام دولة صنهاجة الاسلامية الاولى في (( أوداغوست))، الى قيام دولتهم الاسلامية الثانية (المرابطون) قبل تفككها، ومقدم بني حسان، وما سبقهم وأعقبهم من مقدم غيرهم من العرب الآخرين، وقيام الامارات، ومقدم الاحتلال الفرنسي، ثم رحيله بعد منتصف القرن الميلادي العشرين.

بعد رحيل الاحتلال توفرت لموريتانيا مظاهر الدولة المستقلة من حدود معترف بها، وعلم ونشيد وطنيين، وبنية إدارية ...إلخ، لكن تخلف المجتمع، في عقلياته وسلوكه، أعجزه حتى الآن عن إمداد الوطن بإدارة تخدمه على أسس من خصائص هويته، فبقي التخلف عن ركب النماء والتقدم طابع الإدارة والمواطن على حد السواء، مع بقاء الأمل معقودا على الأسس الحضارية المؤهلة دائما للدفع بالنهوض إن لم تصبها آفة في محلها أو مقدارها، إلى أن كثف الغرب، بآلياته المتفوقة، هجومه المتواصل على كل الكيانات المجتمعاتية القائمة على العروبة والإسلام، وحدثت هذه الطفرة غير المسبوقة في وسائل الاتصال حاملة دعايات الغرب، فكانت بلادنا من أضعف الحلقات المستهدفة، إن لم تكن أضعفها، بما ظلت تفقده من تربية وتعليم رسمي يرسخان معتقدها وما حصل من وحدتها، مما أنتج في داخل المجتمع عديدا من ضعاف الإيمان ودعاة التفرقة، فاستهدفت العقيدة والوحدة من داخل هذا المجتمع دون رادع أو نكير له تأثير ، وأخذت أعراض التآكل والتصدع في أساس كيانه القائم عليه أصلا دون أن يلوح في الأفق مرمم مخلص ماهر.

أيها المواطنون، إني لكم من الانهيار نذير..!!

 

من صفحة الأستاذ والأديب محفوظ ولد الفتى على الفيس بوك

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122