رُهـــاب المطــــــــــر..

2016-08-13 06:48:00

في مدينة "القُرَى السائبة" المعروفة اصطلاحا بـ"نواكشوط" يُمثل المطرُ شؤما و مأساة حياة ، خلافا لكل بلاد الله وعباده و بهيمته وسائر خلقه الذي يعتبرها بحق رحمة و غيثا مغيثا طبقا غدقا...

.


ما العلة ؟


إنها الإنسان الموريتاني حاكما و محكوما الذي لم يتجاوز في علاقته بالمدينة موروثه الممتد في العلاقة المؤقتة بــ"الدار" و " المنزل" التي تعني في "الحسانية" الموقع المهجور الذي يستبطن " المسكون" وتعني هي الأخرى " الموبوء بالجن" و كل علاقة بالأرض عندنا نفعية موسمية عابرة : ألسنا نقول في المأثور : "الأرض ما تُبَنْعَمْ"... و "دارِهم ما دُمتَ في دارهم وارضهم ما دُمتَ في أرضهم" ..
وبهذه العقلية الراحلة الراجلة دائما تقبلنا الدولة باعتبارها دائلة ،لا محالة ، ونحن راحلون ، و دخلنا المدينة باعتبارها " دارا" سنتحول عنها قريبا قبل أن "تسكن" ،فلم نقم بنية تحتية من قبيل المجاري و المجارير والخطوط و الأنهج و الأزقة و الممرات والمعابر والأنفاق و الجسور والشوارع، واكتفينا بالبنية "الفوقية " انسجاما مع "الخيمة " و"الدراعة " والملحفة" فكلها "بنى" فوقية تتكون من "أفلاج" متساوية الطول و العرض ، نبنيها و نطويها سواء فوق "الأرض" أو "الجسم" . و آية محدودية علاقتنا بها أنك لا تستطيع أن تجد "بيتا"
نواكشوطيا يملكه و يسكنه نفس المُلَّاك منذ الاستقلال إلى اليوم ، باستثناء بعض المنحدرين من " القرى القديمة" ..
وهكذا أصبح المطر لعنة لما يصحبه و ينجم عنه من مستنقعات آسنة و بعوض و هوام و حيوانات سائبة ، حتى غدا موسم هجرة إلى الداخل ، و بالتراكم أصبح "الداخل" نسخة مشوهة من "نواكشوط" ببعوضه و مستهلكاته و عاداته الرديئة، وغني عن القول أن الرحيل من نواكشوط الأصل إلى نواكشوط الصورة ، صورة بليغة من "غبائنا الذكي" المتوارث.

 

من صفحة الدكتور ناجى محمد الإ؟مام على الفيس بوك

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122