الجزيرة نت تكتب عن مهرجان "براعم المديح" وترصد آراء الباحثين والمثقفين

2016-04-22 11:05:00

أطفال قدموا من مناطق مختلفة ومن محاظر متعددة، أكبرهم سنا لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، تنافسوا على الفوز بقلوب الحاضرين من خلال الشدو بمديح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

.

أكثر من عشرين طفلا شاركوا في مهرجان "براعم المديح" الذي احتضنته قرية التيسير جنوب شرق العاصمة الموريتانية فجر أمس الخميس، صدحوا بمدائح نبوية في أداء جماعي وإنشاد فردي، استقطب اهتمام الجمهور ونال إعجاب الشعراء والأدباء الذين كان حضورهم ملحوظا.

كسر العزلة

كسرت قرية التيسير الهادئة عزلتها الإعلامية من خلال أطفال قدموا من مناطق متعددة داخل موريتانيا، ومثلوا مختلف مكونات مجتمعها المتعدد الأعراق، أبحروا في مدونة الشعر العربي المديحي، وتنقلوا بين مدارسه وعصوره وحواضره وأقطاره.

ورغم البراءة بدا هؤلاء الأطفال منشغلين بالمستقبل وأرادوا العيش "رجالا في غد ديدنه العدالة والإنصاف، لا سيد فيه إلا العدل، ولا مشاغل فيه غير التنمية، ولا عدو فيه غير بؤر التخلف وأسبابه"، حسب نص رسالتهم التي لم تخل من حمولة بطعم الواقع ومشاغل الكبار.

ويسعى المهرجان الذي ينظم للمرة الأولى إلى تنشئة الأطفال على محبة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وإعادة الاعتبار لدور المحظرة (مدرسة دينية تقليدية) الموريتانية في هذا المنحى، وخلق رافد جديد للمنهج المحظري وتوفير موسوعة مديحية على وسائط حديثة يسهل التعامل معها والاستفادة منها

ويقول مدير المهرجان أبو محمد ولد محمد الحسن في حديث للجزيرة نت إنه "يريد تحقيق جملة من الأهداف، تتمثل في تعريف الأطفال بشمائل رسول الله صلى الله عليه وسلم من زاوية حداثية، وتفجير الطاقات الإبداعية عند هؤلاء، وتقوية اللحمة بين مكونات المجتمع الموريتاني، وبناء جسور للتبادل والتعاطي في شبه المنطقة".

الثقافة المحظرية

ويعتبر الباحث في مجال الثقافة أحمد فال ولد أحمد الخديم أن المهرجان يعمل على الاستفادة من مكانة المديح في الثقافة المحظرية، وإعادة الاعتبار لهذا البعد الأدبي العقدي الذي شكل على مر العصور مرتكزا للمنهج المحظري.

ويقول الباحث للجزيرة نت إن "شيوخ المحاظر ومعلمي الكتاتيب عندما يريدون أن يعلموا الطفل التهجي يبدؤون له بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشمائله من خلال شعر المديح، مما يعني أن هذا اللون الثقافي يشكل مرتكزا من مرتكزات المنهج المحظري".

ويضيف أن "السيرة النبوية التي هي موضوع شعر المديح تعتبر مكونا أساسيا وأصيلا في المنهج المحظري التقليدي، وهذا ما يفسر كثرة المؤلفات الموريتانية فيها، وانتشار المدائح في الثقافة الشنقيطية".

من جانبه، يرى الشاعر ناجي محمد الإمام أن "المديح النبوي جزء من تقاليد المحظرة الموريتانية، فما من شيخ ولا طالب يريد أن يتصدر للتدريس إلا ومدح رسول الله صلى عليه وسلم، ولا يأنف أحد عن أن يُنَغِّمَ في هذا الباب شيخا كان أو عالما أو أديبا".

ويقول ناجي للجزيرة نت إنه "حيثما وجدت المحظرة وجد المديح النبوي، وهذا ما تعبر عنه المدونة الشعرية الموريتانية التي تحتوي روائع مثل قصيدة "صلاة ربي" التي خرجت عن مألوف الشعر العربي الفصيح، وشكلت إبداعا غير مسبوق".

ورغم طبيعة المهرجان وجمهوره، فإن المهتمين بالثقافة والتراث يرون أن هذا النوع من النشاطات "يضيف للمحظرة الموريتانية بعدا جديدا في التفاعل مع محيطها، فهو يربطها بوسائل الإعلام، ويربي طلابها على ثقافة التفاعل والحوار"، حسب تعبير الباحث أحمد فال ولد أحمد الخديم.

الجزيرة نت

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122