المدخل الثقافي للتنمية عنوان محاضرة بالثقافي المغربي

2016-04-21 06:38:00

ألقى الدكتور حماه الله ولد ميابى مساء أمس بقاعة المحاضرات بالمركز الثقافي المغربي فى نواكشوط محاضرة تحت عنوان "المدخل الثقافي للتنمية" وذلك بحضور كوكبة من رجال الثقافة والأدب .

.

المحاضرة قدم لها الدكتور محمد القادري مدير المركز بكلمة تمهيدية رحب فى بدا يتها بالحضور ،  قائلا "إن موضوع هذه المحاضرة يتناول في حقيقة الأمر شقين اثنين لكنهما مرتبطين ومتلازمين:

فالأول يتعلق بالثقافة، ومفهومها في اللغة العربية يعني الحذق والتمكن، حيث يقال ثقف الرمح أي قومه وسواه، وتستعمل عند البشر إذ يقال الشخص مهذب ومتعلم ومتمكن من العلوم والفنون والآداب .  فالثقافة إذن هي إدراك الفرد و المجتمع للعلوم والمعرفة في شتى مجالات الحياة، فكلما زاد نشاط الفرد ومطالعته واكتسابه الخبرة في الحياة، زاد معدل الوعي الثقافي لديه، وأصبح عنصراً بناء في المجتمع.

أما الشق الثاني من المحاضرة والمتعلق بالتنمية، فإن مفهوم التنمية لغة هو مأخوذ من نما نمواً، بمعنى الزيادة في الشيء، فيقال: نما المال نمواً أي زاد وكثر. وأما من الناحية الاصطلاحية فقد اختلفت الأقوال في تحديد مفهوم التنمية، وسبب ذلك اختلاف الآراء حول عملية التنمية من حيث مجالاتها وشموليتها، فالبعض يقتصر في تحديد مفهوم التنمية على مجال معين كالمجال الاقتصادي مثلاً، فيقوم بتعريفها من خلال هذا المجال المحدد للتنمية، بينما يرى البعض الآخر أنها عملية شاملة لمختلف المجالات، فيكون تحديد المفهوم تبعاً لهذه الرؤية الشمولية للعملية التنموية

.

 

وعلى العموم، فإن هناك عدة مفاهيم خاطئة عن التنمية والتقدم، حيث يرتبط أول هذه المفاهيم بجعل الاقتصاد العامل الأول للتنمية، في حين ربطها المفهوم الثاني بفروع الاقتصاد كالتوسع الصناعي وتحويل المجتمع من زراعي الى صناعي، وجعلها مفهوم آخر مرتبطة بالاصلاح السياسي وتغيير العلاقة بين الحاكم والمحكوم".

 وهذا ملخص لأهم ما تناولته المحاضرة:

شكل حصول مجتمعات العالم الثالث على استقلالها بداية السعي نحو التنمية، وتمت تجربة نماذج وصور كثيرة للتنمية عبر عدد كبير من المحاولات لتحديث هذه المجتمعات وتنميتها‏.‏ واستحوذ النموذجان الرأسمالي،‏ والاشتراكي على جل المحاولات وبدأت الدول المستقلة حديثا في تقليد تلك النماذج أو استعارتها‏،‏ أو تطوير نماذج مختلطة منها، واستنباتها في بيئاتها المحلية.

وبشرت النخب السياسية والثقافية بالرهان على هذه التجارب على مدى العقود الماضية‏،‏ غير أن هذه المجتمعات اضطرت بعد مدة كافية من تلك المحاولة أن تخضع تجربتها التنموية للنقد وتقيم مظاهر الفشل والنجاح‏،‏ وكانت نتيجة التقييم في معظم الحالات أن مظاهر الفشل أكبر بكثير من مظاهر النجاح‏،‏ وأن حلم التحديث والتنمية لم يتحقق في الواقع على النحو الذي كان متوقعا‏ً.‏

وانهالت الأسئلة الحائرة التي أربكت النخب المراهنة على تقليد النماذج الغربية، من قبل عامة الشعوب التي وجدت أنفسها في واقع يزداد فيه شعورها بالابتعاد عن مطامحها التي حلمت بها، وتضاعف الشعور بالهوة السحيقة بينها وبين المجتمعات المتقدمة.

 ومن هنا بدأت محاولات جديدة على نحو آخر تشتغل على مراجعة الماضي‏،‏ والبحث عن أساليب ونماذج جديدة.

وفي خضم هذه المراجعة برز المدخل الثقافي في مكان الصدارة‏، بفضل توجهات باحثين كثر، وتزعمت منظمة اليونسكو هذا التوجه، منذ ثمانينات القرن الماضي.

وقد تناولت المحاضرة خمس محاور تتمثل فيما يلي :

-المحور الأول: تحديد المفاهيم المشكلة للعنوان: الثقافة، والتنمية، ومفهوم المدخل بينهما.

-المحور الثاني : تاريخ الاهتمام بالثقافة كمدخل للتنمية.

-المحور الثالث : المنطلقات التي ينبغي أن تؤسس للمدخل الثقافي للتنمية.

-المحور الرابع : الحقول والمجالات المستهدفة بالتحديث الثقافي المؤسس للتنمية.

- المحور الخامس : الخلاصات .

وعلى العموم فقد بات المفكرون والمهتمون يلون المسألة الثقافية اهتماما خاصا لما تشكله من تأثير على الحاضر، وما تلعبه من دور في بناء المستقبل، حيث تشير كل الدلائل إلى أن المسألة الثقافية ستظل هاجسا أبديا يسكن وجدان الإنسان وكيانه، وأنها ما لم توضع وضعا صحيحا فستظل مصدر قلق و حيرة دائمين، يعتملان داخل المجتمع الذي لم يمتلك إجاباته الأصلية في هذا المشغل.

وفي ظل هذه التطورات بدأ البحث عن وشائج الصلة بين الثقافة والتنمية، لتتسنى مساهمة المضامين الفكرية والثقافية والمعرفية المتجذرة في قاع المخيال الجماعي في توجيه حركة الواقع، ثم المشاركة في صياغة مستقبل الأمة.

 وأكد كثير من الباحثين أنه من العبث البحث عن حلول للمشكلات التي تحكم واقع العالم المتخلف دون تأسيس قوي لحراك اجتماعي ثقافي ينبني في جوهره على تطوير العلاقة بين ما هو ثقافي وبين ما هو تنموي، حيث لا توجد تنمية جادة في أي منحى من مناحي الحياة إلا بتنمية ثقافية حقيقية تحفز المجتمع وتربط مواهبه بجذورها وتصقل كفاءاته الصميمة، وحينها فقط يمكن أن تنتظر مشاركته بإرادة قوية في كافة مشاريع البناء والتنمية، فالتنمية لا تنهض في جو منسلخ عن أصوله.

إن الثقافة وفق هذا الفهم هي فعل تنموي خالص، حيث أنها تتجه إلى تهيئة المناخ الاجتماعي لتأهيله وتحفيزه على العمل الجاد من أجل العمران والبناء.

الدكتور حماه الله ولد ميابى

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122