القراءة والمطالعة بين الإقبال والانحسار عنوان محاضرة بالثقافي المغربي

2016-04-07 13:38:00

نظم اللمركز الثقافي المغربي في نواكشوط مساء أمس محاضرة تحت عنوان "القراءة والمطالعة بين الإقبال والانحسار في موريتاني : الماضي والحاضر

.

" ألقاها الدكتور أحمد ولد حبيب الله أستاذ الأدب الموريتاني وتقنيات البحث الجامعي ،وذلك بحضور كوكبة من رجال الثقافة والأدب إلى جانب جمهور عريض من مرتادى المركز

الندوة افتتحها الدكتور محمد القادري مدير المركز بكلمة قيمة رحب فى مستهلها بالحضور، مثمنا موضوع المحاضرة مقدما العديد من الشواهد على أهمية المطالعة، قبل أن يفسح المجال المحاضر لتقديم عرضه  وفيما يلي ملخص للمحاضرة :

" لا يختلف إثنان في أن القراءة والمطالعة اللتين كانتا من أخص خصائص الإنسان الموريتاني، صارتا مهجورتين لدى المعلم والمتعلم في هذا الزمان في موريتانيا التي صار أهلها فريقين هما : فريق ألهاه المال والأعمال فهو يتأفف من القراءة، وفريق شغله الكد على العيال وضيق ذات اليد عن القراءة، بل عن الدراسة أحيانا.

ومن المسلم به أن القراءة والمطالعة هما سبب تقدم الفرد ورقي المجتمع والدولة، فهما القنطرة القوية إلى المعارف والعلوم، وهما منبع الوعي الحضاري ومصنع العقل السليم والسلوك القويم والفكر المستنير والثقافة الراقية وهما حاجة يومية للإنسان كحاجته للغذاء والدواء. ..

من هنا تبدو أهمية القراءة جلية ومؤكدة بأن أول آية نزلت من القرآن الكريم هي " إقرأ باسم ربك ..." إذ لم يقل " صل " ولا " جاهد " ولا " ازرع " ، لأن من يقرأ سيكون قادرا قدرة فائقة على صنع المعجزات في كل ما يصلح دنياه وآخرته، ولذا بدأت الرسالة الإسلامية بأول عنوان للعلم والمعرفة وأعظمه وهو " إقرأ " بصيغة الأمر المطلق الذي لا يتقيد بمقروء معين من المعارف والعلوم ولا زمان ولا مكان، ذلك أن الأمة التي لا تقرأ تضعف وتتخلف، لأن علمها لا يزداد : " وقل ربي زدني علما " ، فأكثر الدول تقدما وقوة أكثرها قراءة، فقوة بريطانيا، مثلا، كانت بسبب القراءة، حتى إن المرأة البريطانية إذا بكى طفلها تسكته بكتاب ليتعود على القراءة.

ومن المعروف أن ألمانيا واليابان انهزمتا ودمرتا في الحرب العالمية الثانية، وأعيد بناؤهما بالقراءة والعلم والمعرفة، فغزتا الأسواق بأجود أنواع الصناعات والاختراعات، والصين أيضا التي أغرقت العالم ببضائعها الرخيصة وغير القابلة للمنافسة.

وقبل ذلك كله، قامت الدولة الإسلامية بالقراءة وبها امتدت شرقا وغربا . وفي الغرب الإسلامي قديما حض العلماء على التعلم والقراءة ، فقد جعل الإمام الحضرمي المرادي المتوفى سنة 489 هـ عنوان الباب الأول من كتابه " الإشارة إلى أدب الإمارة " ، " باب الحض على القراءة والتعلم " ، وفي المشرق العربي قديما قال المتنبي :

أعز مكان في الدنا سرج سابح          وخير جليس في الزمان كتاب

وحديثا في أقصى الجنوب الغربي من الوطن العربي قال الشاعر أحمدو ولد عبد القادر في قصيدته :

إقرأ كتابك فالحياة سراب         ما لم يقدها في الدروب كتاب "

 

الدكتور أحمد ولد حبيب الله أستاذ الأدب الموريتاني وتقنيات البحث الجامعي.

 

وهذا نص كلمة الدكتور محمد القادري التى افتتح بها الندوة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

 

حضرات السيدات والسادة الكرام،

تحية طيبة في هذه الأمسية المباركة التي يسعد المركز الثقافي المغربي أن يرحب بكم ويثني على حسن سعيكم وتكرمكم بتلبية دعوته لحضور ومتابعة هذه المحاضرة ذات الأهمية الخاصة التي سيقدمها أحد رجال الثقافة والفكر في هذا البلد العزيز، ألا وهو الدكتور أحمد ولد حبيب الله، أستاذ الأدب الموريتاني وتقنيات البحث العلمي ورئيس وحدة " المنارة " للدراسات والبحوث والتحقيق بجامعة نواكشوط، وذلك تحت عنوان : " القراءة والمطالعة في موريتانيا بين الإقبال والانحسار ".

 

ومحاضرة اليوم سيقدم فيها موضوع هام وحساس وحيوي، رغم ما قد يتبادر لأول وهلة إلى أذهان البعض من أنه موضوع عادي وبسيط ومتجاوز.

 

 فالقراءة والمطالعة، كما لا يخفى على الجميع، تسمح بمعرفة الماضي وحسن التصرف في الحاضر والتوفق في إعداد وتدبير شؤون المستقبل.

 

وقد علم فضلها، عبر الأزمنة والعصور المتعاقبة، الكثير من ذوي المعرفة والفكر، حيث قال فيها الجاحظ " يذهب الحكيم وتبقى كتبه ويذهب العقل ويبقى أثره" وقال فيها عباس محمود العقاد " إنها تطيل العمر " ، وقال فيها فرانسيس بيكون، الفيلسوف والكاتب الإنجليزي " القراءة تصنع الرجال "، ووصفها الكاتب الفرنسي مونتين بأنها " الصديق الذي لا يخون طيلة الحياة ".

 

سوف أترك موضوع القراءة في موريتانيا لعناية الأستاذ المحاضر، بحكم تخصصه وسعة اطلاعه،  فيما فيما سأسوق بعض الأمثلة عن موضوع القراءة وما يتصل بها عموما على مستوى العالم العربي مع مقارنته مع بقية دول العالم، علما بأن هذه الأرقام والإحصائيات استقيتها من بعض الدراسات المنشورة على صفحات الإنترنيت التي يمكن أن يرجع إليها من يريد التوسع أكثر في الموضوع.

 

تشير بعض الدراسات التي نشرتها الأمم المتحدة حول عادات المطالعة والقراءة لدى مختلف شعوب العالم أن معدل ما يقرأه الفرد في العالم العربي سنويا هو ربع صفحة فقط، وفي تقارير أخرى فإن كل 20 طفلاً عربياً يقرأ كتاباً واحداً في السنة، فيما يقرأ الطفل الصيني نحو 5 كتب في السنة و الطفل الإنجليزي 7 كتب، والأمريكي 11 كتاباً.

 

كما تشير إحصاءات أخرى إلى أن رصيد الدول العربية لا يتجاوز 1.1% من الإنتاج العالمي لكتب الأطفال، رغم وجود أكثر من 55 مليون طفلا في العالم العربي.

أما من حيث الإصدارات فإن معدل صدور الكتب بالنسبة للفرد، فيصل إلى كتاب واحد لكل 12000 مواطن عربي، بينما يصدر كتاب لكل 500 مواطن إنجليزي، وكتاب لكل 900  مواطن ألماني، أي أن معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4% من معدل القراءة في انجلترا على سبيل المثال.

وفيما يتعلق بظاهرة الأمية المتفشية في وطننا العربي والناتجة عن عدم ولوج المؤسسات التعليمية أصلا وعن الهدر المدرسي وغيرهما، فقد  ذكرت تقارير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألسكو) أن عدد الأميين في المنطقة العربية سنة 2013، بلغ نحو 97 مليون شخصا من أصل حوالي 340  مليون نسمة، أي نسبة 27.9 % من مجموع السكان.

وتصنف منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة المنطقة العربية كأضعف مناطق العالم في مكافحة الأمية، ويتوقع أن تصبح نسبة الأمية في العالم العربي ( طبقا لدراسة وضعتها منظمة الألسكو العربية) الأولى في العالم خلال سنة 2014 بعدما كانت الثانية بعد إفريقيا.

أما فيما يخص النشر أو إصدار الكتب، فبحسب تقارير أنجزتها إحدى المنظمات الثقافية الدولية، فإن عدد كتب الثقافة العامة التي تنشر سنوياً في العالم العربي لا تتجاوز 5000 عنوانا. في حين تصل في الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، حوالي 300 ألف كتابا سنويا.علما بأن عدد النسخ المطبوعة من كل كتاب عربي هو 1000 أو 2000 ويصل في حالات نادرة إلى 5000 كتاب، بينما تتجاوز نسخ الكتاب المطبوع في الغرب عادةً 50000 نسخة.

أما على مستوى الترجمة، فبحسب تقرير لليونسكو، يترجم سنوياً في العالم العربي خمس ما يترجم في دولة صغيرة كاليونان . وما يجعلنا في حالة ذهول أكبر أن الحصيلة الكلية لما ترجم إلى العربية منذ عصر الخليفة العباسي المأمون إلى العصر الحالي تقارب 10000 كتاب، وهذا العدد يساوي ما تترجمه إسبانيا في سنة واحدة.

هذه بعض الأرقام والمقارنات التي تبعث على القلق أمام الواقع الصعب الذي تعرفه القراءة في وطننا العربي مهد الإسلام الذي كرم القراءة وشرفها، إذ أن أول آية كريمة نزلت من القرآن الكريم كانت " إقرأ باسم ربك الذي خلق ...".

ويتبين من خلال ما سبق، أن موضوع القراءة موضوع متشابك ومعقد ويحتاج لنظرة شمولية، وذلك منذ الطفولة والمراحل الدراسية الأولى وتحتاج لتوفير مناهج دراسية مناسبة وتحبيب القراءة للنشء حتى يقبل عليها في الكبر ولا تبقى دولة بين النخبة المثقفة، هذا فضلا عن العمل على توفير العدد المطلوب من الكتب في مختلف فروع المعرفة ولكل الفئات العمرية وبأثمان مناسبة، مع بذل المزيد من الجهود في مجال الترجمة لمسايرة الركب العالمي في كل ميادين الفكر والمعرفة والعلوم.

وفي الختام، أذكر بأن منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة قررت منذ سنة 1995 الاحتفال باليوم العالمي للكتاب خصصت له يوم 23 أبريل من كل سنة

شكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122