الكاتب الخاص للوزير الراحل يكتب عن ذكرياته معه

2016-04-05 04:54:00

رنَّ الهاتف فجر الأحد الثامن والعشرين من مارس فرفعت السماعة وكل شيء يمكن أن أتخيله إلا تكليفي بإبلاغ الجهات الرسمية بوفاة الوزير محمد ولد خونا.

.

لقد ودّعتُ الوزير مع نهاية الدوام الأسبوعي على أمل اللقاء مطلعَ أسبوع حافل بالعمل الجاد البنّاء والمثمر، فكان وقع الحدث شديدا لحد الصدمة.

هكذا خرج الوزير محمد من دار الفناء إلى دار البقاء بهدوء تام ودون أية مراسيم بروتوكولية وهو يحمل في حقيبته رصيدا كبيرا من التواضع والأمانة والوطنية والإنسانية.

في لقاء التهنئة والتعارف همس إلي الوزير قائلا : "لن أضر أحدا" وهي أطيب كلمة يوجهها المسؤول الجديد إلى أعوان سلفه ولقد قرأتُ هذه الكلمات حرفا حرفا في تصرفات الوزير إلى أن حالت بيننا الأقدار بل ظل الوزير يتحمل أضرار وتبعات هذا الالتزام الأخلاقي في مواقف ومشاهد خالدة فضَّل الوزير فيها أن يكون مع عماله إنسانا عاديا لا وزيرا ذا سلطة مطلقة

وفي مشهد إنساني لا أفتأ أذكره وفي نهاية الدوام من أحد الأيام وقعت عيني على امرأة مسكينة في طابور الانتظار طمعا في لقاء الوزير وهو أمر لا يكاد يتصور في ذلك الوقت، أخذتني رأفة شديدة لحال المسكينة جعلتني أقتحم على الوزير وهو يتأهب لمغادرة المكتب وأقنعه بلقائها

دخلت المرأة على السيد الوزير وشرحت حالها فوضع الوزير يد الآسي الخبير على آلامها ورجعت إلى بيتها في الأحياء الشعبية بكل ما كانت تؤمله من رحلتها إلى مقر وزارة النقل.

هكذا كان الوزير محمد ولد خونا في سائر أيام الوزارة، لكن صدق عبد الرحمن بن عيسى عمر الوزارة أقصر الأعمار.

جعل الله دخول الوزير محمد إلى جنات الخلد يوم الحساب سريعا خفيفا كخروجه من الدنيا، ولا زالت موريتانيا تنجب أمثاله من الأبناء البررة الذين يضرون أنفسهم لينفعوا أوطانهم ومواطنيهم.

 

أحمد ولد بدى

نقلا عن موقع الطوارى

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122