"الضمانات الممنوحة للمستثمرين في القانون الموريتاني" عنوان ندوة بالثقافي المغربي

2016-03-24 04:50:00

احتضنت قاعة المحاضرات بالمركز الثقافي المغربي فى نواكشوط أمس ندوة ثقافية تحت عنوان  : "الضمانات الممنوحة للمستثمرين في القانون الموريتاني"

ألقاها الدكتور: محمد محمود عبد الله المختار/ رئيس قسم القانون الخاص بكلية العلوم القانونية والاقتصادية / جامعة انواكشوط؛

.

التظاهرة حضرها لفيف من رجال القانون والمثقفين ورجال الإعلام إضافة إلى طلاب المحاضر بكلية القانون وقدم لها الدكتور محمد القادري مدير المركز بكلمة قيمة قبل أن يفسح المجال أمام المحاضر لتقديم عرضه الذى نال اسحسان الجمهور.

وهذا نص المحاضرة

 

مقدمة:

الضمان في اللغة هو من فعل «ضمن»، ضمانا أي كفل الشيء وقدم له الأمان.

واصطلاحا: ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق فيثبت في ذمتهما جميعا.

أما تعريف الضمانات في القانون فتعني تقديم الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمان القانوني لمن تقدم له لكي يقدم على الاستثمار وهو ضامن لنتائجه.

والضمانات بهذا المعنى تعد من أبرز العناصر المكونة للمناخ العام للاستثمار في أي بلد.

فلا شك أن المخاطر غير التجارية كالتأميم ونزع الملكية والمصادرة والاستيلاء وغيرها تعتبر من أهم العقبات التي تحول دون تدفق رؤوس الأموال، فالمستثمر يبحث عن الربح لكنه في نفس الوقت يشعر بالخوف على أمواله إذا ما تعرضت لخطر من المخاطر السابق ذكرها، وإزالة هذا الشعور

لا تتسنى إلا عن طريق كفالة وضمان هذه الأموال حالة تعرضها لأي من هذه الأخطار.

تأسيسا على ماتقدم تتبين لنا أهمية الضمانات الممنوحة للمستثمرين في هذا الصدد.

وهنا يثار التساؤل عن الوسائل التي من شأنها تحقيق هذه الضمانات وكذا عن مقدارها؟

وهو ما تصدت له قوانين الاستثمار المتتالية.

وتم تعزيز هذا المناخ الاستثماري بالمصادقة على عديد الاتفاقيات الدولية لضمان وحماية الاستثمار.

على هذا الأساس سنتاول الموضوع في محورين:

-         المحور الأول: الضمانات الداخلية

-         المحور الثاني: الضمانات الدولية.

 

 

 

 

 

المحور الأول: الضمانات الداخلية

قبل الحديث عن هذه الضمانات، لا بأس باستعراض سريع لأهم مظاهر التطور التاريخي لقوانين الاستثمار الموريتانية، فقد بدأ التشريع المتعلق بالاستثمارات في الجمهورية الإسلامية الموريتانية في ظل الفترة الاستعمارية حيث تم تجسيد النظام القانوني للاستثمارات عن طريق القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 31 دجمبر 1953 الذي أقام نظاما جبائيا لمدة طويلة تستفيد منه أصناف من المؤسسات يلعب نشاطها دورا هاما في ترقية بلاد ما وراء البحار، ليصدر بعد ذلك قانون فرنسي بتاريخ 13 نوفمبر 1956، حيث يسمح هذا القانون للحكومات المحلية في دول ما وراء البحار بإبرام عقود ذات مدة طويلة مع الشركات الأجنبية.

بعد حصول البلاد على الاستقلال في نوفمبر 1960 بدأت نصوص القوانين الوطنية للاستثمار ترى النور بشكل متلاحق.

حيث قامت الدولة تزامنا مع تصفية الاستعمار واستكمال السيادة الوطنية بإصدار القانون

رقم 61 /122 بتاريخ 26 يونيو 1961.

إن الهدف من هذا القانون هو جلب رؤوس أموال لقطاعات تتطلب أموالا باهظة وتقنيات لا تتوفر البلاد عليها، كما يهدف إلى التأكيد على السيادة الوطنية.

بعد عشر سنوات من العمل بهذا القانون تم إلغاؤه بموجب القانون رقم 76 / 249 بتاريخ 16 أكتوبر 1976 الذي يهدف إلى تشجيع الاستثمارات في القطاع الخاص عن طريق منح مجموعة من الامتيازات والضمانات.

 بعد ثلاث سنوات من العمل بهذا القانون وبعد انقلاب العاشر من يوليو صدر قانون جديد للاستثمارات بتاريخ 18 مارس 1979 الذي يعد أكثر تشجيعا من سابقيه بالنظر إلى توسع وتعدد الامتيازات والضمانات التي جاء بها.

وقد ألغي هذا القانون بموجب الأمر القانوني رقم 89 / 013 بتاريخ 23 يناير 1989 الذي أعلن على أساس جدول انتقادي لقانون 1979 فكانت تلزم ملاءمة القانون الجديد مع خيار ليبرالية الاقتصاد، لذلك فإن الإصلاح اشتمل على إقامة نظام جديد للدفع نحو الاستثمار.

وما يلاحظ أن هذا القانون توسع بشكل كبير في الضمانات الممنوحة للمستثمرين بالنظر إلى القوانين التي سبقته، فلأول مرة تم النص في هذا القانون على ضمان المساواة بين المستثمرين الوطنيين والمستثمرين الأجانب.

حيث جاء في المادة السادسة من هذا القانون «يعامل الأشخاص الطبيعيون أو الاعتباريون الأجانب معاملة مماثلة لتلك التي يعامل بها الأشخاص الطبيعيون والاعتباريون الموريتانيون».

غير أن هذا القانون تم إلغاؤه بموجب القانون رقم 03 / 2002 المؤرخ في 20 يناير 2002.

إن أهم ما جاء به هذا القانون هو نظام المناطق الحرة حيث لم يعرف النظام الاستثماري الموريتاني من قبل النص على هذه المناطق التي تخضع لنظام جبائي وجمركي خاص، وعلى ذلك فإن هذا القانون يهدف بالدرجة الأساسية إلى تحفيز عمليات التصدير.

وعلاوة على ذلك تم النص على آليات الحماية التقليدية المعروفة للاستثمارات كالمساواة في المعاملة واللجوء إلى التحكيم.

وبعد عشر سنوات من سريان هذا القانون ألغي بمقتضى القانون رقم 52 / 2012 بتاريخ 31 يوليو .2012

وهو القانون الذي لا يزال ساريا رغم أن هناك مشروع قانون للاستثمار معروض أمام الدورة البرلمانية الاستثنائية الحالية.

سنحاول تسليط الضوء على أهم مظاهر الضمانات التي جاء بها هذا القانون من خلال التصميم التالي:

-         أولا: الضمانات القانونية

-         ثانيا: الضمانات المالية

-         ثالثا: الضمانات القضائية

 

أولا: الضمانات القانونية:

تضمن هذا القانون العديد من الضمانات القانونية يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

أ‌-     المساواة في المعاملة:

ومعنى هذه الضمانة عدم التمييز بين المستثمر الأجنبي والمستثمر الوطني، ومبدأ عدم التمييز هذا مبدأ عام من مبادئ القانون الدولي العرفي المعرف في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة في 10 دجمبر 1948 حيث تقول المادة 7 من هذا الإعلان «كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة دون أية تفرقة كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية من أي تمييز مخل بهذا الإعلان».

وقد كرست المادة العاشرة من مدونة الاستثمارات هذه الضمانة حيث نصت في فقرتها 3 على ما يلي « يتلقى الأشخاص الطبيعيون أو الاعتباريون الأجانب معاملة مماثلة لتلك التي يتلقاها الأشخاص الطبيعيون والاعتباريون الموريتانيون مع مراعاة المعاملة بالمثل ودون المساس بالإجراءات التي قد تعني مجموع الأجانب ....».

إن هذه الفقرة تكرس مبدأ المساواة في المعاملة بين المستثمرين الأجانب والوطنيين وبين المستثمرين الأجانب فيما بينهم.

وهو ما يعني أن من حق المستثمر الأجنبي أن يعامل بنفس معاملة المستثمر الوطني.

لقد نشأ هذا المبدأ في رحاب المذاهب الفردية التي تدعو إلى تيسير ممارسة النشاط الاقتصادي دون تفرقة بين الوطنيين والأجانب، كما أنه يعتبر سخيا في معاملة الأجانب حيث أنه يسويهم بالوطنيين بقصد جلبهم إلى الديار الوطنية لممارسة نشاطهم.

إذن فأول ضمان يعترف به للمستثمر الأجنبي هو الاستفادة من المساواة أمام القانون.

وبالرجوع إلى القانون المقارن نجد أن قوانين الاستثمار المغربية هي الأخرى كرست مبدأ المساواة منذ قانون 1983 فقبل ذلك كان قانون 1973 تمييزيا في معاملة الاستثمارات حيث كان ينص على ما عرف حينها بمغربة رأس المال (Marocanisation du Capital) كشرط أولي للاستفادة من المزايا التي جاء بها.

حيث أن هذا الشرط يلزم المؤسسات الأجنبية بضرورة مشاركة رأس المال المغربي بنسبة لا تقل عن 50 %من رأس ما ل الشركة، غير أن هذا الشرط تم إسقاطه من قانون 17 جانفي 1983 حيث أصبحت كل مقاولة ينتمي رأس مالها 100 %لمستثمرين أجانب مستفيدة من جميع الضمانات والامتيازات المنصوص عليها وهو ما يكرس مبدأ المساواة في المعاملة. ونفس المبدأ كرسه ميثاق الاستثمارات لسنة 1995 الذي نص على أنه يهدف إلى تشجيع الاستثمار الأجنبي.

ب‌-                       تثبيت النظام القانوني:

نصت المادة الخامسة من مدونة الاستثمارات على ما يلي: «تضمن الدولة للمقاولات استقرار الشروط القانونية والجبائية والجمركية الممنوحة لمدة عشرين سنة ابتداء من تاريخ منح إفادة الاستثمار».

يعد هذا المبدأ استثناء من القاعدة العامة التي بمقتضاها يخضع المستثمر الأجنبي لقانون الدولة التي يستثمر فيها وبالتالي يخضع لكل التعديلات التشريعية التي تطرأ على هذا القانون.

إذن من خلال هذا النص تكون الدولة قد التزمت بتثبيت النظام القانوني والاقتصادي والمالي للاستثمار الأجنبي وبذلك يكون المستثمر في حماية من التغيرات التي قد تطرأ على التشريع الموريتاني مستقبلا التي يمكن أن تنتقص من الضمانات الممنوحة له، وبذلك تكون الدولة الموريتانية قد قيدت من مجال تدخلها التشريعي لصالح تعزيز الضمانات القانونية الممنوحة للمستثمرين.

ت‌-                       عدم جواز التأميم ونزع الملكية والإجراءات ذات الطبيعة المماثلة.

وردت هذه الضمانة المتعلقة بحماية الملكية في المادة 4 من مدونة الاستثمار.

يعتبر هذا تحولا جذريا في فلسفة المشرع تجاه معاملة الاستثمارات الأجنبية حيث كان المشرع في الماضي يجيز التأميم ونزع الملكية وغيرهما لكن مع الالتزام بوضع قيود على ذلك وهو ما كان ورد في المادة 4 أيضا من مدونة الاستثمارات الملغاة والصادرة سنة 2002 التي تقول «الاستثمارات التي أنجزها أشخاص ماديون أو اعتباريون وفقا لأحكام هذا القانون لن يتخذ ضدهم أي إجراء بالتأميم أو نزع الملكية إلا لأسباب تتعلق بالنفع العام وعلى أساس غير تمييزي ويقابل ذلك تعويض سريع وكاف وفعال».

إذن هذه المادة وضعت قيودا على هذه الإجراءات تتعلق بدواعي المصلحة العامة، عدم التمييز، والالتزام بالتعويض.

لكن المستثمر في الوقت الحاضر أصبح في مأمن من مثل هذه الإجراءات وهذا في الواقع يكرس ضمانة غير مسبوقة في النظام القانوني الموريتاني حيال الاستثمارات الأجنبية.

 

ثانيا: الضمانات المالية:

يعد نظام الصرف من المسائل الجوهرية لارتباطه بالاقتصاد الوطني لأي بلد، ولارتباطه كذلك بمسألة الاستثمار وضماناته خاصة.

إن قوانين الاستثمار الموريتانية قد تناولت موضوع الصرف من زاوية التحويل (le Transfert) حيث اشتمل على عنصرين هما:

-         الإقرار بمبدأ التحويل، ثم تفصيل الأموال التي يمكن تحويلها.

أعطى المشرع الموريتاني من خلال نصوص قوانين الاستثمار حق الاستفادة من ضمان التحويل منذ قانون 1979 مرورا بقانون 1989، 2002 وحتى القانون الحالي:

حيث نص في مادته السابعة على : «تضمن للمقاولات حرية القيام دون تأخير بعد دفع الحقوق والرسوم الموريتانية بتحويل كل المداخيل والعائدات الحاصلة من استغلالها أو من كل نتازل عن بعض عناصر الفائدة للمستثمرين الأجانب».

وتضمنت الفقرة الأخيرة من نفس المادة استفادة المستثمرين الأجانب والموريتانيين غير المقيمين في موريتانيا من تحويل حصصهم من الأرباح وحقوقهم بعد التصفية.

وهنا ك ضمانة مالية أخرى لا تقل أهمية نصت عليها المادة الثامنة من مدونة الاستثمار تتعلق بحق الموظفين الأجانب بتحويل رواتبهم المهنية بالعملة الصعبة بصرف النظر عن قيمتها سواء كان هذا التحويل كليا أو جزئيا.

نشير في الأخير إلى أن حق التحويل يشمل رؤوس الأموال الأجنبية في حالة التنازل أو وقف النشاط.

 

الضمانات القضائية:

تخضع الاستثمارات الأجنبية للقواعد المنظمة لانتقال رؤوس الأموال في تشريعات الدول المضيفة وعادة ما تتضمن هذه القواعد تحديدا لحقوق والتزامات المستثمرين وهذه الدول.

وقد يثير التطبيق العملي لهذه القواعد خلافات عديدة بشأن تحديد المضمون الدقيق لهذه القواعد، أو عند تفسير حقوق والتزامات أي من الأطراف تجاه الطرف الآخر.

وهنا يثور التساؤل عن الوسائل القضائية التي يتيحها القانون الموريتاني أمام المستثمرين الأجانب.

للإجابة على هذا التساؤل تبرز بداية ملاحظة هامة وهي أن قانون الاستثمارات الموريتاني الحالي قد نزع الاختصاص من المحاكم الوطنية في نظر ما قد ينشأ من منازعات بين المستثمرين الأجانب والدولة الموريتانية حيث ترك ذلك لاختيار المستثمر الأجنبي وهكذا نصت المادة 30 من مدونة الاستثمارات على ما يلي: «كل النزاعات الناجمة عن تأويل أو تطبيق هذه المدونة تتم تسويتها بالتراضي، وعند استحالة التفاهم بين الأطراف المعنية عبر التحكيم أو تبعا لاختيار المستثمر أمام المحاكم الموريتانية».

إذن من خلال نص هذه المادة نجد أن وسائل تسوية النزاع المتعلق بتفسير أو تطبيق قانون الاستثمارات تتدرج من التراضي أولا ثم التحكيم والمقصود هنا هو التحكيم الخاص (الحر) إذا اختارها المستثمر ثم بعد ذلك تأتي المحاكم الموريتانية. وهذا في الواقع غير وارد لأن من المستحيل أن يتوجه المستثمر الأجنبي إلى قضاء الدولة المضيفة للاستثمار.

إذن ما يلاحظ هنا أن المشرع الموريتاني ذهب بعيدا وتوسع كثيرا في الضمانات القضائية التي تخص المستثمرين الأجانب حيث أسقط اختصاص المحاكم الوطنية.

 

 

ودائما في إطار وسائل تسوية النزاعات المتاحة أمام المستثمرين تضيف الفقرة الثانية من المادة 30 أنه يمكن تسوية هذه النزاعات عن طريق الرجوع إلى الاتفاقيات والمعاهدات المتعلقة بحماية الاستثمار المبرمة بين الدولة الموريتانية والدولة التي يتبع لها المستثمر.

-         وإما باللجوء إلى تحكيم المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستثمارية.

الرجوع إلى القانون المغربي نجد أنه لم يتضمن الإشارة إلى اختصاص المحاكم الوطنية في نظر ما قد يثور من منازعات بين المستثمر الأجنبي والدولة المغربية.

وهكذا نصت المادة 39 من قانون الاستثمارات المغربية أن «النزاعات التي تثور بين الإدارة والمستثمرين تخضع للتحكيم الوارد في:

-         الاتفاقيات المتعلقة بحماية الاستثمارات المبرمة بين المملكة المغربية والدولة التي ينتمي إليها المستثمر.

-         الاتفاقية المتعلقة بإنشاء المؤسسة العربية لضمان الاستثمار المصادق عليها من طرف المغرب بتاريخ 30 غشت 1975.

-         اتفاقية تسوية المنازعات الاستثمارية بين الدول ومواطني الدول الأخرى المصادق عليها من طرف المغرب بتاريخ 31 أكتوبر 1966.

 

الضمانات الدولية:

علاوة على الضمانات المقررة في قانون الاستثمار انضمت موريتانيا إلى أنظمة الضمان الإقليمية الدولية المقررة لضمان تأمين الاستثمار.

حيث توجد حاليا اتفاقيتان تعملان على مواجهة ما يمكن أن يتعرض له المستثمر من مخاطر غير تجارية وذلك بإقرار نظام تأمين خاص يختلف عن شركات التأمين الخاصة وحتى شركات التأمين العمومية.

إن هاتين الاتفاقيتين هما: اتفاقية المؤسسة العربية لضمان الاستثمارالتي صادقت عليها موريتانيا بموجب القانون رقم 76/07 بتاريخ 13 يناير 1976. وقد صاد ق المغرب كذلك على هذه الاتفاقية بتاريخ 30 غشت 1975، أما الاتفاقية الثانية فهي اتفاقية الوكالة الدولية لضمان الاستثمارالمصادق عليها بموجب المرسوم رقم 12/91 بتاريخ 20 مايو 1991 وقد صادق المغرب أيضا عليها بتاريخ 22 فبراير 1989.

ولئن كانت المؤسسة العربية مفتوحة للأقطار العربية فقط باعتبارها اتفاقية إقليمية فإن الوكالة الدولية مفتوحة للبلدان الأعضاء في البنك العالمي.

ولإبراز الضمانات الواردة في الاتفاقيتين سنتناول:

أولا: نطاق الضمان الذي تغطيه المؤسستان

ثانيا: آثار عقد الضمان.

 

أولا: نطاق الضمان الذي تغطيه المؤسستان

أتاحت اتفاقية (م ع ض إ) ضمان الاستثمارات الصالحة ضد واحد أو أكثر من ثلاث مخاطر غير تجارية ولم تتح الضمان ضد المخاطر التجارية، وهو أمر مفهوم لأن المستثمر يقبل التحمل بالخسائر الناجمة عن هذه الأخيرة التي يكون التأمين ضدها تأمينا عاديا وبشروط معقولة.

وتشمل المخاطر التي تتولى المؤسسة تغطيتها بحسب المادة 18 من اتفاقية المؤسسة المصادرة والتأميم ونزع الملكية ومنع الدائن من استيفاء حقه أو التصرف فيه، وتأجيل الوفاء بالدين.

إضافة هذه المخاطر تغطي المؤسسة خطر العجز عن تحويل النقود ويقصد بخطر التحويل عادة خطر الخسارة الناجمة عن تقييد حرية المستثمر في تحويل أصل استثماره أو دخله إلى الخارج بشرط أن يكون متمتعا بممارسة هذه الحرية عند بداية قيامه بالاستثمار.

كما تغطي اتفاقية المؤسسة خطر الحرب والاضطرابات الأهلية وهكذا يمتد ضمان المؤسسة إلى كل الخسائر المترتبة على كل عمل عسكري صادر عن جهة أجنبية أو عن القطر المضيف تتعرض له أصول المستثمر المادية تعرضا مباشرا «وكذلك الاضطرابات الأهلية العامة كالثورات والانقلابات وأعمال العنف ذات الطابع العام التي يكون لها نفس الأثر»(المادة أ 18/ج).

أما الوكالة الدولية لضمان الاستثمار فيشمل ضمانها إضافة إلى المخاطر غير التجارية العامة المعروفة التي هي (تحويل العملة، التأمين، الحرب والاضطرابات المدنية).

إضافة إلى خطر إخلال الحكومة المضيفة أو نقضها لالتزامات تعاقدية التزمت بها إزاء المستثمر».

ويمكن الاتفاق في عقد الضمان على الضمان الكامل أو الضمان الجزئي أو ضمان بعض المخاطر فقط.

في حالة حصول الخطر المضمون فإن عقد الضمان ينتج آثارا معينة.

 

آثار عقد الضمان:

يتيح عقد الضمان عدة آثار تتمثل في دفع التعويض للمستثمر المتضرر من قبل المؤسسة أو الوكالة، وحلول المؤسسة أو الوكالة محل المستثمر في النزاع مع الدولة المضيفة.

 

التعويض:

تلزم كل من المؤسسة العربية والوكالة الدولية بدفع مبلغ مالي يعوض المستثمر عن الخسارة التي لحقت به.

وعادة ما يتم حساب المبالغ المستحقة من قبل المستثمرين وفق طريقة خاصة منصوص عليها في عقود الضمان نفسها.

في هذا السياق نصت المادة 20/4 من اتفاقية المؤسسة العربية على أنه لا يجوز أن يزيد  التعويض المدفوع للمستثمر على قيمة الخسارة التي لحقت به نتيجة لتحقق الخطر المؤمن ضده أو مبلغ التأمين المتفق عليه بحق التأمين أيهما أقل.

فيما نصت المادة 17 من اتفاقية الوكالة على أن يصدر رئيس الوكالة وتحت إشراف مجلس الإدارة القرارات المتعلقة بدفع مبلغ الضمان وفقا للسياسات التي يضعها هذا الأخير، وتضيف نفس المادة في فقرتها الثانية على أنه يتعين أن «تتطلب عقود الضمان من المستفيدين من الضمان اللجوء إلى الوسائل الإدارية المناسبة المتاحة لهم في ظل قوانين الدولة المضيفة قبل قيام الوكالة بالدفع».

كما يجوز أن يشترط في تلك العقود انقضاء فترات معينة معقولة بين وقوع الأحداث التي تستند إليها المطالبات وبين دفع المبالغ المطلوبة.

بعد القيام بعمليات التعويض تحل كل من المؤسسة والوكالة محل المستثمر في حقوقه والتزاماته وديونه تجاه الدولة المضيفة.

 

الحلول محل المستثمر:

نصت في هذا الصدد المادة 21 من اتفاقية المؤسسة العربية فإن المؤسسة «تحل محل المستثمر الذي تعوضه أو توافق على تعويضه عن خسارة مؤمن عليها وذلك فيما يكون فيه للمستثمر من حقوق على الاستثمار المؤمن عليه أو ما قد ينشأ له من حقوق نتيجة لتحقق الخسارة».

وفي نفس السياق قضت المادة 18/1 من اتفاقية الوكالة أنه «عندما تقوم الوكالة بتعويض المستثمر أو توافق على تعويضه طبقا لأحكام عقد الضمان فإنها تحل محله فيما اكتسب من حقوق إزاء الدولة المضيفة نتيجة للسبب الذي أدى لمطالبته الوكالة بالتعويض».

يعتبر الحلول من المبادئ المستقرة في قانون التأمين، ومؤداه حوالة المطالبات القائمة للمستثمر المضمون إلى المؤسسة أو الوكالة واكتساب المؤسستين – كحلف له – لما كان له من حقوق.

إن عقود الضمان تتضمن النص على أحكام وشروط ذلك الحلول وهي على أية حال ذات أهمية خاصة بالنسبة للمستثمر بالنظر إلى اقتصار التعويض على جزء من الخسائر التي تلحقه (المادة 16 من اتفاقية الوكالة والمادة 20/2 من اتفاقية المؤسسة).

وتمضي ال?

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122