ندوة بالثقافي المغربي حول التعددية اللغوية في المجتمعات

2016-02-10 23:41:00

احتضنت قاعة المحاضرات بالمركز الثقافي المغربي فى نواكشوط مساء أمس ندوة ثقافية تحت عنوان "التعددية اللغوية في المجتمعات.. ثراء ثقافي و تكامل وظيفي" ألقاها الزميل الولي ولد سيدي هيبه وحضوها لفيف من كبار الأكاديميين والمثقفين ورجال الإعلام إضافة إلى رواد المركز من طلاب وباحثين

.

المحاضرة قدم لها الدكتور محمد القادري مدير المركز بكلمة قيمة رحب فى مستهلها بالحضور ، متناولا أهم المحاور التى سيتطرق لها المحاضر قبل أن يحيل الميكرفون إلى المحاضر الذى قدم بدوره عرضا شيقا أثار إعجار الحضور وأمتعهم . واختتمت الندوة بنقاش مستفيض من طرف الحضور . وهذا نص المحاضرة:

التعددية اللغوية في المجتمعات .. ثراء ثقافي وتكامل وظيفي

" وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ"          "صدق الله العظيم"(الروم:22)

لا شك أن موضوعا كهذا يشكل مبحثا طويلا و عريضا، صعبا و شائكا، هاما و عميقا. و لكنه بكل هذا هو أيضا موضوع لا يترك للساعة الكونية بكل عقاربها على مدارها تحركها في كل حيزها المكاني منفذا و لا يتيح تملصا أو مفرا منه لأنه به و فيه تتشابك كل أوجه الإنسانية و ركائزها و حراكها و مقاصدها و  مختلف زوايا اهتماماتها السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية و في البنية و الأساس و الأهداف.

و قد تناولت الموضوع باقتضاب و لكن من مختلف الزوايا حتى يتبين أنه ليس بالموضوع المنحسر و إنما البالغ الحضور في كل شؤون البشرية التي مهما اشتدت خلافاتها و تباينت قضياها  و تنوعت معتقداتها و خلافاتها و طموحاها فإن كل هذه الأمور  التي تصل إليها لا تجد حلولها و  لا ترسو على توافقات أو تنازلات أو  رضا بتقاسم أو  استخلاص أي نقاط تلاق إلا باعتماد اللغات و  تداخل قدراتها على التحليل و الاستنباط و  حصول الاستنتاج بكامل قدرة عطائها. ففي الأمم المتحدة تترجم كل المداخلات و التقارير إلى مفاهيم موحدة و آراء مشتركة و مساعي جامعة لما يراد له أن يخدم البشرية في وحدتها و سقوط الفوارق المصنعة بينها.

و لأن الموضوع يكتسي في بلادنا أهمية قصوى و  كل المعطيات تشير إلى أن تجربتنا فيه رائدة فإنني لن أسترسل كثيرا في جوانبه المتعددة و مهما قل ما قيل فيها فكثير بمعانيه و تجلياته،  و إنما سأنشد مداخلاتكم أساتذة و مثقفين و إعلاميين و  طلابا و مهتمين، مداخلات لا محالة ستثريه، و بكل تأكيد سأستفيد منها بالنظر إلى ما ستضيفه من قراءات و أراء و   مقاربات ستكون قطعا في مجملها إضافات تخدم الموضوع و القصد من ورائه.

لقد تكلم ابن خلدون الذي يعتبر مؤسس علم الاجتماع الحديث و أب التاريخ و الاقتصاد، تكلم إذافي معرض حديثه عن المدن وعن اللغات التي تسود فيها، حيث عقد فصلا بعنوان "في لغات أهل الأمصار تحدث فيه عن أن "لغات أهل الأمصار إنما تكون بلسان الأمة أو الجيل الغالبين عليها'' وجعل هذا العامل، أي التواجد البشري، السبب الرئيس في انتشار لغة ما ورسوخها. ويذكر العلامة والمؤرخ المسعوديّ في ''مروج الذهب'' أنّ سكّان بلاد المغرب من أصول عربيّة هاجروا في ظروف سياسيّة عصيبة. ولعلّ ذلك كان أيّام بختنصّر. في حين يتحدّث ابن خلدون عن هجرة إفريقس بن أبرهة اليمنيّ (الذي سُمّيت باسمه، فيما يبدو، قارّة أفريقيا كلّها، لأنّه هو الذي كان بنى مدينة أفريقية، وصقلّية، فيما يقرّر الأَخباريّون القدماء) إلى نحو بلاد المغرب. ويضاف إلى كلّ ذلك هجرةُ الفينيقيّين، أو قدماء اللبنانيّين، وهم الذين بنَوْا عدّة مدن بحريّة في أفريقيا الشّماليّة القديمة بحكم أنّهم كانوا بحّارين و تجار.

و مع مجيئ الإسلام، وتوافد أوائل المسلمين العرب الى بلاد المغرب العربي لنشر و تبليغ الرّسالة المحمّديّة السمحة؛ انتشرت اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن و لغة الدين الإسلامي وازداد انتشار الإسلام في المغرب إبان عصر الولاة خاصة مع الحملة المنظمة التي أطلقها إسماعيل بن عبيد الله والى عمر بن عبد العزيز على المغرب ( 100هـ/719م ـ 101هـ/720 م ) " والتى أسفرت عن اعتناق الكثير من القبائل للإسلام، وأسهم في هذا النجاح للدعوة ''الدور الكبير الذي قام به التابعون والدعاة وكذلك تدفق العرب على البلاد وسكناهم المدن واختلاطهم بالسكان الأصليين للمغرب، والتجارة ، ورحلة الحج التي بدأت تنتظم''و من عمق الصحراء عابرة خطا متنوع الساكنة من الشعوب بلغاتها و عاداتها المختلفة.

أما هايدغر فيقول إن اللغة تجعل من الموجود وجودا منكشفا في حالة فعل، نقول: ''إن التعدد اللغوي شيء عادي يتخذ صبغة عالمية، لا تخلو منه بقعة من بقع الكرة الأرضية التي يحيا عليها الإنسان، وقد حدثت هذه الأمور نفسها في الأزمنة كلها لدى جميع الشعوب التي بلغت درجة ما من الحضارة، فاليونان، كما يؤكد د. سوسير، كانت لهم لغة مشتركةKoine الناتجة عن اللغتين الإيتيكية والأيونية، إلا أن لهجاتهم المحلية ظلت مستعملة إلى جانب هذه اللغات المشتركة تأخذ منها و تثريها، وهذا دليل قاطع على أن التعدد مسألة تمليها سجية الإنسان، فالإلغاء الذي يمس بعض الألسن ينم عن قصور في استيعاب مفهوم الحضارة، الذي يحضن مختلف الإنجازات الإنسانية المادية والمعنوية، ابتداء من أسلوب الكلام وصولا إلى طريقة صنع الأكل، ونجد ما يعضد هذه النظرة في القرآن الكريم، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الروم: "ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين.

........

و مما لا شك فيه أن جوار اللغات معين على التعايش إذ أنه من معاني مصطلح التعايش (coexistence)الوجود في نفس الزَّمان والمكان . و اللغة كائن حي يؤثر ويتأثر باللغات التي تتعايش معها في الزمان والمكان.

و التعايش في مدلوله اللغوي العام يعني أن يعيش البعض مع البعض الآخر، وفي مفهومه الاصطلاحي المعاصر، أن يكون هذا العيش المتبادل قائما على المسالمة والمهادنة. وهو ما يؤكده الوصف الذي غالبا ما يستعمل مرتبطا به حين ينعت بـ"السلمي".

والمسالمة ، من التسامح الذي يعد قيمة كبرى في الإسلام ، نابعة من “السماحة” ، باعتبارها ملمحا جامعا يطبع مختلف جوانبه العقدية والتشريعية والسلوكية.

يطلق مصطلح الكريول هو ومشتقاته في اللغات الأخرى ـ مثل criouloوcriolloوcreoloوcréoleوkriolu وcriol وkreyol وkreol وkriulo وkriol وkrio إلخ ـ على أناس في مختلف البلدان والحقب، بمعانٍ مختلفة بعض الشيء. وغالبًا ما تستخدم هذه الألفاظ في المستعمراتأو في الأماكن التي كانت مستعمرات واقعة في قارة أخرى، وتشير في الأصل اٍلى الأشخاص المولودين محليًا من آباء أجانب.

.......

اللغة العربية و اللغات الإفريقية متعايشة منذ أن وطئ العرب شمال إفريقيا حاملين رسالة الإسلام الأممية الإنسانية و عنوانها كتاب الله تعالى و تعاليم نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ومنذ أن عرف أجدادنا المرابطين و الأفارقة رحمهم الله تعالى مفهوم الرسالة التي رفع مشعلها إخوانهم العرب و نهلوا معا من شريعة الإسلام حتى سارعوا إلى حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب و الدفاع عن دين الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم و الذود عن اللغة العربية و الاعتزاز بها فكانوا يعلمون أبناءهم تعاليم الإسلام و يحفظونهم كتاب الله تعالى القرآن الكريم منذ نعومة أظافرهم و كان منهم قادة عظماء حملوا مشعل رسالة الإسلام وتعاليمه السمحة و جاهدوا بالنفس و النفيس من اجل إعلاء كلمة الحق و نشر اللغة العربية فمن يستقري التاريخ سيدرك أنه مثل قصة طارق بن زياد رحمه الله وهو من كان له الفضل الكبير بعد الله تعالى في فتح بلاد الأندلس مع كثير من أبناء البربر و نشر دين الإسلام و لغة القرآن في اسبانيا و البرتغال اي جزيرة أيبيريا و خطبته باللغة العربية الفصيحة مشهورة ومدونة بماء من ذهب في كتب التاريخ فإن كثيرا من القادة الأفارقة من حملوا مشعل القيادة لنشر تعاليم الإسلام و بث اللغة العربية في الأصقاع و الأمصار.

......

الأحرف السبعة بمفهومها العام في علمقراءات القرآنهي: عبارة عن التنوع اللفظي، والتعدد اللغوي، في الخصائص التي نزل بها القرآنمن حيث أن جمع معظم اللغات العربية المتداولة في ذلك الوقت، فكان مشتملا على الألفاظ العربية باستعمالاتها المتعددة.. كما أن الكلمة الواحدة قد تكون متعددة الاستعمال باختلاف حروفها، فمثلا: إبراهيم؛ يقال فيه أيضا: ابراهام، وإبرهيم، وهكذا. فأحرف الهجاء العربية تبنى منها الكلمة، وتتعدد اللغات العربية في استعمال الكلمة الواحدة بالإختلاف في الحروف. فينطق الحرف تاما على أصله، أو ينطق ممزوجا بحرف آخر، أو بتقليل نطقه، أو بتغيير حركاته، أو غير ذلك، وهذا يجعل اللفظ الواحد متعدد اللغات.

بعض آراء عديدة حول نزول القرآن على سبعة أحرف:

  • قيل الأحرف السبعة هي سبع لغات متفرقة في القرآن كله وهى لغات قبائل من العرب على معنى أن بعض القرآن نزل بلغة قريشوبعضه بلغة كنانةوبعضه بلغة أسدوبعضه بلغة هذيلوبعضه بلغة تميموبعضه بلغة قيس غيلانوبعضه بلغة أهل اليمن، واختار هذا الرأي أبو عبيد القاسم بن سلاموثعلبوابن عطيةوآخرون ودليلهم عدم معرفة بعض الصحابة القرشيين لبعض ألفاظ القرآن إلا من بعض العرب كما وقع لابن عباسفي كلمة فاطر حيث روى عنه أنه قال: لم أكن أدري ما فاطر السماوات والأرض حتى أتى أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها أي ابتدأتها وأجيب عن ذلك بأن عدم معرفة ابن عباس لمعنى هذه الكلمة لا يدل على أن اللفظة غير قرشية لجواز أن يكون قد غاب معناها فقط عن ابن عباس وليس بلازم أن يحيط المرء بكل معاني لغته أو بألفاظها، بل قيل: اللغة لا يحيط بها إلا معصوم. ويضاف إلى ذلك أن التوسعة ورفع الحرج والمشقة المقصود من الأحرف السبعة لا يتفق وهذا الرأي لأنه يترتب عليه أن يكون القرآن الكريم أبعاضا، وأن كل بعض بلغة، ويلزم من ذلك أن كل شخص لا يقرأ من القرآن إلا ما نزل بلغته.
  • قيل: الأحرف السبعة هي سبعة أوجه، هي الأمر والنهى والوعد والوعيد والجدل والقصص والأمثال، أو هي: الأمر والنهي والحلال والحرام والمحكم والمتشابه والأمثال. ورد هذا الوجه بأن التوسعة كما هو مفهوم من الأحاديث والروايات الواردة في نزول القرآن على سبعة أحرف هي خاصة بالألفاظ وليس بالمعاني، وذلك بأن تقرأ الكلمة على وجهين أو ثلاثة، ولا يمكن أن تكون التوسعة في تحريم حلال ولا في تحليل حرام، ولافي تغيير شيء من المعانى المذكورة.

نزل القرآن على حرف واحد أول الأمر ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظل يستزيد جبريل حتى أقرأه على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ والدليل على ذلك حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أقرأني جبريل على حرف فراجعته فزادني فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى على سبعة أحرف " . رواه البخاري ( 3047 ) ومسلم (819).

 

 

.......

اللغة العربية هي أكثر اللغات تحدثاً ضمن مجموعة اللغات السامية، وإحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة،[2](1)ويتوزع متحدثوها في الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة كالأحوازوتركياوتشادوماليوالسنغالوإرتيرياو إثيوبياو جنوب السودانو إيران. اللغة العربية ذات أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة مقدسة(لغة القرآن)، ولا تتم الصلاة (وعبادات أخرى) في الإسلامإلا بإتقان بعض من كلماتها.[4][5]العربية هي أيضاً لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحيةفي الوطن العربي، كما كتبت بها الكثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهوديةفي العصور الوسطى. وأثّر انتشار الإسلام، وتأسيسه دولاً، في ارتفاع مكانة اللغة العربية، وأصبحت لغة السياسةوالعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي حكمها المسلمون، وأثرت العربية تأثيراً مباشراً أو غير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، كالتركيةوالفارسيةوالأمازيغيةوالكرديةوالأردويةوالماليزيةوالإندونيسيةوالألبانيةوبعض اللغات الإفريقية الأخرى مثل الهاوساوالسواحيليةوالتجريةوالأمهريةو الصومالية، وبعض اللغات الأوروبية وخاصةً المتوسطيةكالإسبانيةوالبرتغاليةوالمالطيةوالصقلية. كما أنها تُدرَّس بشكل رسمي أو غير رسمي في الدول الإسلامية والدول الإفريقية المحاذية للوطن العربي.

العربية لغة رسمية في كل دول الوطن العربيإضافة إلى كونها لغة رسمية في تشادوإريترياوإسرائيل. وهي إحدى اللغات الرسمية الستفي منظمة الأمم المتحدة، ويُحتفل باليوم العالمي للغة العربيةفي 18 ديسمبركذكرى اعتماد العربية بين لغات العمل في الأمم المتحدة.

واللغة العربية من أغزر اللغات من حيث المادة اللغوية، فعلى سبيل المثال يحوي معجم لسان العربلابن منظورمن القرن الثالث عشرأكثر من 80 ألف مادة، بينما في اللغة الإنجليزية فإن قاموس صموئيل جونسون- وهو من أوائل من وضع قاموساً إنجليزياً من القرن الثامن عشريحتوي على 42 ألف كلمة.

.......

يشكل الأمن الثقافي والسلم الاجتماعي إحدى الرهانات الرئيسية في مرحلة ما بعد العولمة ويعتقد الخبراء أن كل الصراعات المدمرة التي يشهدها عالمنا اليوم ذات خلفية ثقافية أو إيديولوجية مثل الصراع في شمال مالي و في البوسنة والهرسك. والصراع  الذي طال أمده بين جنوب السودان وشماله والصراع في "ميانمار" وتصبح هذه المقاربة أكثر مشروعية إذا علمنا أن الرغبة فئ إلغاء الآخر تبدأ بالمقاربة الثقافية غير المنصفة والتي لا تنزل ثقافة الأخر مهما كانت في منزلتها للائقة وقد أكدت الدراسات أن احترام مبدأ التنوع الثقافي أصبح شرطا للسلم الاجتماعي وللحد من الفقر وتخفيف الصراعات ولتحقيق التنمية المستدامة.
ويحتل التنوع الثقافي اليوم مكان الصدارة في المناقشات والحوارات الجارية فى العالم بشان السلم والأمن والهوية والتضامن الاجتماعي وتنمية اقتصاد قائم على المعرفة. وتعتبر اليونسكو التنوع الثقافي قوة محركة للتنمية ليس على مستوى النمو الاقتصادي فحسب بل أيضاً كوسيلة لعيش حياة فكرية وعاطفية ومعنوية وروحية متصالحة وأكثر اكتمالا وهو ما تنص عليه اتفاقيات الثقافة السبع التي توفّر ركيزة صلبة لتعزيز التنوّع الثقافي.
ويعزز هذه المقاربة كون الثقافة هي مجمل الصفات المميزة الروحية المادية والفكرية والعاطفية التي يتميز بها مجتمع أو مجموعة اجتماعية وتشمل الثقافة إلى جانب الفنون والآداب طرق وأساليب الحياة والعيش والعمارة ونظم القيم والعادات والتقاليد والمعتقدات وهذا كله يشكل الشخصية الثقافية السوية.
التاريخ والمشترك الثقافي والهوية الوطنية:
شكلت موريتانيا منذ نشأتها حالة فريدة وجسرا تاريخيا بين العرب وإفريقيا.  ومنذ أن بدأت هجرات القبائل العربية والبربرية الأولى إلى هذه الربوع بدأ نوع من الامتزاج والتعايش بين تلك القبائل والمجموعات والإفريقية لا إكراه فيه و كان مؤسسا في تشكيل بنية سكانية واجتماعية أخذت من تاريخ المنطقة كل مقومات الترافد الثقافي.
وشكل الإسلام السني المالكي عبر تاريخ البلاد المحدد الأول للهوية المشتركة وجسرا رابطا بين المجموعات المتعايشة في الفضاء الموريتاني من العرب والبولار والسوننكى والولوف ومع تعلقها الشديد بالدين والتدين كمقوم ثابت للعيش المشترك أنتجت هذه المجموعات عبر تاريخها المشترك تراثا ثقافيا متنوعا يمتد على خارطة الوطن الثقافية من الموسيقى والشعر الى المعمار والمخطوطات والعادات والتقاليد والأهازيج والفنون الشعبية والعادات والتقاليد المتداخلة والمتشابهة.

وقد أبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الملمح، فجعله يلخص الدين كله حين قال:بعثت بالحنفية السمحة.ويعزى هذا السماح إلى عوامل متعددة تمثل حقيقة الإسلام ، من أهمها:

- أنه دين الفطرة، أي الدين الذي يساير طبيعة خلق الإنسان واستعداده لإدراكه والالتزام به، يقول عز وجل: فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون(الروم : 29.

- أنه دين الوسطية والاعتدال ، يقول الله تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطا البقرة : 38 ، والوسط هو الخير والأفضل، لأنه بين صفتين ذميمتين، كالتفريط والإفراط، والتحلل والغلو.

يتواصل

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122