محاضرة بالثقافي المغربي تحت عنوان: الرواية المغاربية.. قراءة فى الإتجاهات

2015-12-10 04:57:00

احتضت قاعة المحاضرات بالمركز الثقافي المغربي فى نواكشوط مساء أمس ندوة ثقافية تحت عنوان : "تحت عنوان  الرواية المغاربية ....قراءة في الاتجاهات" نشطها كل من الكتورة ترب بنت عمار أستاذة الأدءب العربي بجامعة نواكشوط والأستاذ سداتى ولد سيدى الخير.

.

الندوة حضرها القائم بالأعمال فى السفارة المغربية السيد حسن بنموساتى إضافة إلى لفيف من الأكاديميين وكبار المثقفين وعدد من رجال الإعلام والأدب. وقد افتتحها الدكتور محمد القادري مدير المركز بكلمة رحب فى مستهلها بالحضور قبل أن يحيل الميكرفون للدكتورة ترب لإلقاء عرضها الذى نال استحسان الجمهور وتفاعل معه.

بعد ذلك أحيلت الكلمة للأستاذ الباحث سداتى ولد سيدى الخير الذى قدم هو الآخر عرضا متميزا عن تطور الرواية فى المغرب العربي واتجاهاتها ثم اختتمت الندوة بنقاش جيد من طرف الحضور رد عليه المحاضران .

وهذا ملخص لمحاضرة الدتورة ترب :

               تاريخ نشأة الرواية المغاربية ومحطات تطورها...

بسم الله الرحمن الرحيم

 

محاضرة الدكتورة تربة بنت عمار أستاذة التاريخ الإسلامي بجامعة نواكشوط

أشكر بشكل خاص المركز الثقافي المغربي متمثلا في السيد الدكتور المدير محمد القادري صاحب المستوى العلمي والخلقي الرفيع، فالمغرب بلدي الثاني الأقوى تأثيرا علي ففيه نلت لقبي العلمي وبه دخلت عالم الفكر الأكاديمي فشكرا ....

  قبل الدخول في الجولة التاريخية لنشأة الجنس السردي في البلدان المغاربية، يجب أن أتوقف برهة لنترحم على روح المناضلة الباحثة الدكتورة فاطمة المرنيسي التي رحلت عن عالمنا قبل أيام، هذه المناضلة التي وهبت عمرها العلمي لقضية عادلة وتتجاوز ذلك حتى لتكون إنسانية....

إنها قضية المرأة العربية التي تعرضت للظلم منذ أفول العهد الراشدي وتجاوز عصر النبوة، الكاتبة المغربية الأكادمية والمتخصصة في التراث العربي كشفت المستور وقدمت المفيد في قضية المرأة فألفت العديد من الكتب وكتبت عشرات المقالات والمقابلات في شأن نساء العالم الإسلامي بشكل عام والعربي منه على وجه الخصوص.

فاطمة مرنيسي من مواليد 1940، فاس- 30 نوفمبر 2015) كاتبة وعالمة اجتماعوكاتبة نسويةمغربية لها كتب ترجمت إلى العديد من اللغات العالمية.

تهتم كتاباتها بالإسلام والمرأة وتحليل تطور الفكر الإسلامي والتطورات الحديثة. بالموازاة مع عملها في الكتابة تقود كفاحا في اطارالمجتمع المدنيمن أجل المساواةوحقوق النساء، حيث أسست القوافل المدنية وجمع "نساء، عائلات، أطفال". في مايو 2003 حصلت على جائزة أمير أستورياس للأدب

مناصفة مع سوزان سونتاغ

من أشهر مؤلفاتها:

-الحريم السياسي

 -النساء والنبي

- سلطانات منسيات

- شهرزاد ترحل إلى الغرب

- الحريم والغرب

- هل أنتم محصنون ضد الحريم

-الخوف من الحداثة

: الإسلام والديموقراطية


- الجنس والإيدلوجيا والإسلام

- الحب في بلاد المسلمين

- أحلام نساء

- نساء على أجنحة الحلم

من أقوالها:"لن يولد المجتمع العربي، كمجتمع معرفة، يتكيف مع المجرات ودقائق التقنية الحديثة، ما لم يتح للمرأة أن تتعلم، وتشارك في صنع القرار، وتنسج أفكارها حول شبكات البث الإلكتروني، مثلما كانت الجدات تحيك بتلقائية آلاف الأزهار الهندسية فوق السجاجيد".

يقول عنها بعض النقاد:"فاطمة المرنيسيخلافا لما يروجه عنها أصحاب القراءات المتسرعة، لم تكن يوما ضد الإسلام، إنها تناضل و تفكر معرفيا من داخل النسق الثقافي الإسلامي، الذي تعتبره أعطى المرأة مكانة مائزة، يتوجب العمل باستمرار على استعادتها، حتى لا تظل ثقافة الاستعباد هي المسيطرة مغربيا و عربيا. -تفكير المرنيسيفي قضايا المرأة هو احتجاج علمي على ذات القراءات و الكتابات التي لا تتمثل المرأة ما بين المحيط و الخليج، إلا كحجاب و حريم و تحريم، فيما هي تاريخيا و واقعيا أكبر بكثير من هذه النظرة الاختزالية. فالنساء في العالم العربي برأيها هن "وقود لكثير من التداعيات السلبية في غالب القضايا المعاصرة، وهن طرف المعادلة الخاسر دائما، بالرغم من التركة الأخلاقية الغابرة للمجتمعات العربية المسلمة".لا تخفي "فاطمة المرنيسي" أن كتاباتها تندرج ضمن "الكتابات النسوية" التي تطالب بمكانة حقيقة للمرأة في الحضارة العربية الإسلامية، غير أن ما يفرقها ربما عن التيار النسوي التقليدي الرافض للقيم العربية والإسلامية أنها تنطلق من التراث العربي الإسلامي بالذات للمطالبة بهذه المكانة.

رحلت المرنيسي عن عالمنا تاركة مخزونا علميا ضخما يسلط الضوء على ظلم المرأة ثقافيا وتاريخيا... فرحمة الله عليها.

النشأة الذاتية أو الأفقية

الباحث بوشوشة بن جمعة

"إن الخطاب الروائي المغاربي ذا التعبير العربي لم يتأسس من عدم، وإنما كان حصيلة أطوار وأدوار وتحولات اجتازت أشكالاً تعبيرية شبه روائية، مثل القصص التاريخية، التي نمثل لها بنصوص:‏

"غادة أجيلا"، (1949)، "والملكة الكاهنة"، (1949)، "وشفراء الريف"، (1950)، وغيرها لعبد العزيز بن عبد الله. "وخلف القضبان". (1950)، وصراع في ظلال الأطلس، (1954)، لعبد المجيد بن جلون. والملكة ختاثة، (1954)، لآمنة اللوة، في المغرب، والسيرة الذاتية التي نمثل لها بنص الزاوية (1942)، لتهامي الوزاني.‏

وكل من هذين الجنسين الأدبيين (القصة التاريخية والسيرة الذاتية)، كان استجابة لتحولات شهدتها فنون النشر الأدبي في بلدان المغرب العربي، في النصف الأول من القرن العشرين،

"...إن حصول بلدان المغرب العربي على الاستقلال وما تبعه من تحولات وتغيرات وسمتها في الأغلب الأزمة وطبعها الصراع. قد طرح على الأدب عامة، والرواية خاصة قضايا جديدة تتصل بمستقبل الشعوب المغاربية في مختلف مجالات الحياة. فكان جنس الرواية –دون غيره من أجناس الإبداع التقليدية، كالشعر، والمقالة. والخاطرة. هو الشكل الفني القادر على استيعاب هذه الإشكاليات التي أفرزها الاستقلال وصياغتها جمالياً".‏

 وقد اتخذت بعض الروايات المغاربية – في سياق ما كانت تشهده بلدان المغرب العربي من تحولات متأزمة –من الغرب قيمة أساسية لطرح مشاكل المثاقفة، والوعي بالذات في صلتها بالعالم ولئن حضر الغرب في الخطاب الروائي المغاربي في الخمسينيات والستينيات بالنسبة لكل من تونس والمغرب وليبيا وفي السبعينيات بالنسبة للجزائر- بوصفه قيمة سلبية بشكل مطلق. كما عكست ذلك نمط الرواية الوطنية التي ركزت على استقصاء ومعالم صورة الغرب المستعمر والمستغل. والمتوحش. فإن هذا الغرب في رواية الثمانينيات أصبح له وضع مزدوج، هو نقطة توتر، وفي نفس الوقت هو جزء لا يتجزأ من وعي الإنسان المغاربي الذي كان مستعمراً. وهو ما يجعله عنصراً ليشكل الوعي به وعياً بالذات في واقع تتضخم فيه التحديات المعاصرة، كما يتجلى ذلك –على سبيل الذاكرة الحص في نص: الرحيل إلى الزمن الدامي(1981) لمصطفى المدائني. وموعد عند الأفق (1983). لعبد الحمد زايد، فكلاهما: رحلة في عالم الفكر واللغة وبحث عن الهوية. وحوار بين الشرق والغرب متجسم في حوار مع مهاجرة من الشمال في حركة معاكسة لهجرة مصطفى سعيد من الجنوب. وإلحاح الأول على شخصية الوجه الماخوي زركويه. لا يضاهيه إلا إلحاح الثاني على شخصية اللغة ومكانة البحر في وجدان الراوي – المؤلف(20).‏

غير أن هذه المسألة الحضارية قد تطرح طرحاً مختلفاً يتجاوز الصراع بين الشرق والغرب إلى إثبات الهوية والغوص في عمق مأساة الإنسان في العصر الراهن(21). كما تعكس ذلك رواية "الموت والبحر والجرذ" (1985) لفرج الحواك والتي وإن لم تنف أن الغرب يبقى مطمحاً للتغيير، فإنها أكدت على تمثيله لفضاء تمزق بين المبادئ والواقع، ومقدمة نقد واع للمثاقفة:‏

وما السعي إلى الكشف عن جريمة قتل في بعض المدن الساحلية سوى رمز للكشف عن الجاني في حق الإنسانية قاطبة(22).‏

غير أن هذا الغرب ذاته يبدو أحياناً عالماً رائعاً، يتسم بالمغامرة وبالتغيير والتجدد المستمرين. فهو عالم الحرية والانطلاق. وهو الذي يرى فيه فضاء منشود وافق منتظر تتطلع الشخصيات الروائية إلى أن تعيشه وتتمثله، وهو ما تقوله رواية: "مراتيج" (1985) لعروسة النالوني.‏

إن الخطاب الروائي المغاربي إن عمد في مرحلة النشأة والتأسيس التي توازي حصول بلدان المغرب العربي على استقلالها. إلى تصوير أحداث الثورات التحريرية التي خاضتها شعوب هذه المنطقة. في نزوع يغلب عليه الاحتفال ويلونه حماس النصر. فإن هذا تحول مع مطلع السبعينات لينشغل بالقضايا الاجتماعية الناجمة عن التحولات العميقة التي كانت تشهدها المجتمعات المغاربية على جميع الأصعدة.‏

غير أن هذا الخطاب شهد انعطافة نوعية. في الثمانينات –تجلت في نزوعه إلى البحث والتجريب بغية تجاوز السائد من الخطابات بدل استنساخها، وهو في ذلك يتطلع إلى اكتساب الخصوصية، وإنتاج معرفة أكثر إدراكاً لتحولات الذات، ولواقع تلك التحولات وعوائقها، في مجتمعات مغاربية تسم التحولات المتأزمة واقعها في الأغلب، وهو ما يجعل السؤال الإبداعي متجدداً بما يشكله من مفاهيم في البحث، ويبنيه من طرائق التفكير.‏

"ليست الرواية تعبيراً عن رأي بقدر ما هي مغامرة بحث ترتاد الوجود بغية إعادة صياغة الكينونة، وهو ما تعبر عنه الناقدة والروائية الفرنسية ناتالي ساروت (Nathalie Sarroute) في قولها، الكتابة الروائية عملية بحث دائم، وهذا البحث يسعى إلى تعرية واقع مجهول، وإلى إيجاد هذا الواقع المجهول.‏

وبقدر ما يكون الواقع جديداً، يكون النص الأدبي الذي يكشف عن هذا الواقع، ذا شكل شاذ. وغير مألوف، مثلما يكون ذا تأثير عميق يسمح بهتك ذلك الستار السميك الذي يسقي طرائق إدراكنا وإحساسنا من كل أنواع التشويش والانحراف(5). وهو ما يجعل الممارسة الروائية في فعل الإبداع تتجاوز حدود مساءلة الذات الموضوع إلى أفق مساءلة الكتابة ذاتها".‏

وفي سياق النشأة والتطور يرى الدكتور حبيب الدائم أن الرواية المغاربية قطعت أشواطا هامة ما بين سنة 1942 إلى سنة 1980 حيث كان مشغلها التخيلي وتوظيفها الفني مرتكزا على السيرة الذاتية والرواية الاجتماعية والرواية السياسية...

 

أما الكاتب الدكتور عبد العالي بوطيب في كتابه:

الرواية المغربية من التأسيس إلى التجريب

فإنه يعمد إلى تقسيم مسار الرواية المغربية، منذ النشأة إلى اليوم، إلى ثلاثة محطات أساسية وهي:

_ المرحلة التأسيسية: وهي تمتد، في نظر الكاتب، من تاريخ صدور أول عمل روائي إلى منتصف الستينيات وبالضبط إلى تاريخ صدور رواية جيل الظمأ لمحمد عزيز الحبابي . ويؤكد الكاتب بأن الرواية المغربية، في هذه المرحلة، كانت تحاول إثبات ذاتها ضمن سياق ثقافي خاص. وقد شكل المشرق للرواية المغربية، في هذه المرحلة، نموذجا للاحتذاء والمحاكاة. كما ظلت أغلب نصوص هذه المرحلة تمزج بين ما هو روائي وما هو سيرذاتي كعنوان على التذبذب وعلى سوء فهم لخصوصيات الكتابة الروائية.

أما أهم الخصائص البنيوية لروايات هذه المرحلة فتتجلى في اعتماد القواعد الكلاسيكية للكتابة بما فيها من حبكة وخطية السرد وتسلسل الأحداث وغيرها.

وقد حققت الرواية المغربية، في هذه المرحلة، تراكما جعلها تفرض نفسها كجنس أدبي جديد له خصوصياته وطموحاته.

_المرحلة الواقعية: وهي تمتد زمنيا، في نظر الكاتب، من نهاية المرحلة السابقة إلى منتصف السبعينيات، وهي مرحلة كشفت عن زيف أوهام الاستقلال، إذ أن المواطن وجد نفسه أمام طبقة من الحكام لا تقل شراسة عن المستعمر. الشيء الذي جعل الصراعات الاجتماعية والسياسية في هذه المرحلة تبدو أكثر تأججا واحتداما. هذا بالإضافة إلى بروز الوعي القومي بعد هزيمة 1967، الشيء الذي جعل نصوص هذه المرحلة عبارة عن مرايا تعكس الواقع وتفضح تناقضاته وتشوهاته. ومن أهم رواد هذه المرحلة أشار الكاتب إلى كل من محمد شكري ومحمد زفزاف ومبارك ربيع وعبد الكريم غلاب وغيرهم. ولم يفت الكاتب أن يؤكد على أن روايات هذه المرحلة ركزت بشكل كبير على المضمون على حساب الشكل بسبب الظروف الاجتماعية والسياسية التي كان يمر منها المغرب آنذاك.

مرحلة التجريب: وهي مرحلة شهدت تراجع الهاجس الاجتماعي وأصبح الاهتمام فيها ينصب بشكل كبير على قضايا الشكل أكثر من قضايا المضمون. وقد انتعشت الكتابة التجريبية في المغرب، منذ الثمانينيات، في سياق ثقافي كان يتسم بالتبدل والتغير. ففي هذه المرحلة عرفت كل أشكال التعبير تحولات مهمة سواء على المستوى الإبداعي أو الفكري أو النقدي أو غيرها. إذ أصبحت أصداء المنهج البنيوي، في هذه المرحلة، تصل إلى المغرب، كما أن الأدباء والمبدعين كانوا على إطلاع على ما كانت تعرفه الرواية العالمية من تغير سواء في المشرق العربي أو في الغرب. وكل هذه العوامل دفعت بالمبدعين إلى تجريب طرائق جديدة في الكتابة قصد تجاوز الشكل الواقعي الذي أصبح يبدو أنه استنفذ بعض إمكانياته في التعبير.

افابتداء من مطلع العقد الستيني سيتحدد المشهد السياسي والثقافي بتواجه إيديولوجيتين لا واحدة، أولاهما تلك التي كانت معبرة عن فكر واختيارات البورجوازية الوطنية، وثانيهما عن تطلعات الطبقة الوسطى، الآخذة في التشكل والوعي بواقعها، علما بأن هذه الأخيرة كانت من جهـة تصوراتـها مضمرة في الأولى، وعلما، أيضا، بأن تحدد شروطها الاجتماعية والفكرية نحتت بصورة تدريجية. والشيء نفسه يمكن أن يقال عن الخطابات الأدبية الدائرة في فلكيهما. ويبقى أن التماثل على صعيد التشابه في القيم المعبر عنها بين الخطاب الإيديولوجي والخطاب الأدبي سيبرز بوضوح، وهذا في الوقت الذي كان الكتاب يترنحون بعد في مدار تجديد الكتابة وتملك طرائق الأنواع الحديثة فيها.

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122