الموريتانييون غرباء في بلدهم الذي اختطفت هويته/ عبد السلام ولد حرمة

2015-06-09 02:52:00

ما زال الموريتانييون غرباء في بلدهم الذي اختطفت هويته منذ الاستقلال مجموعة قليلة من المنتفعين باللغة الفرنسية، ونجح إلى حد الآن ( خلفاء) هذه الأقلية في احتكار خيرات البلد والعض بالنواجذ على لغة استعمارية بغيضة متخلفة، لفرضها في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها كما هو حال الشركة الوطنية للصناعة والمناجم، التي بُعِثَتْ إليها رسالة في مثل هذا اليوم من سنة 2013 بهذا الخصوص مع اليقين الحاصل لدى من بعث الرسالة أن من لم يحترم وجدان أمة بكاملها ودستور دولة لن يبالي بما دون ذلك كثير.

.

ونص الرسالة هو:

سيد المدير العام للشركة الوطنية للصناعة والمعادن المحترم،


حصلت الجمهورية الإسلامية الموريتانية على استقلالها السياسي قبل ثلاث وخمسين سنة ورغم أهمية هذا الحدث في حينه ظلت نخب وطنية وكتل شعبية كثيرة تعتبره منقوصا وغير ذي بال إذا لم يرافقه الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي المرهون باستقلال أهم هو الاستقلال الثقافي الذي من شأنه صياغة تصورات المجتمع بشكل مفارق لما زرعه ناهبوه ومستعبدوه السابقون من قيم وتمثلات على مستوى الوعي والتصور، وكان تأميم شركة أنتاج الحديد 1974 ابرز الخطوات الدالة في هذا الاتجاه، ليس لأن (ميفارما) شكلت أهم مورد للاقتصاد الوطني، بل لأنها جسدت التعبير الأوضح عن روح الاستعمار الغربي ومؤسساته العابرة للقارات التي عمدت إلى دمج المستعمرات الإفريقية في صلب نظامها الإنتاجي الساعي لتأمين الرفاه والعيش الكريم للأوربيين على حساب أنين ومعاناة الأفارقة وسكان الجنوب عموما.


سيدي المدير إن الذات الجماعية للموريتانيين التي استوطنتها روح الاستقلال منذ أكثر من خمسة عقود، وعززت مكاسبها نحوه في سك عملتها الوطنية 1973، وتأميم ميفارما 1974، وصياغة وثيقتها الدستورية 1991، يجرحها أن تكون شركة الصناعة والمعادن ما زالت في سنة 2013 تصدر إعلانات اكتتابها مصحوبة بتأكيد روتيني ثابت هو أن لغة العمل الحصرية هي اللغة الفرنسية. فهل الشركة الموريتانية للصناعة والمعادن ليست شركة موريتانية، أم أن قرار تأميمها تم التنازل عنه ولم تعد معنية بدستور البلاد الذي تنص مادته السادسة على أن اللغة الرسمية للبلاد هي اللغة العربية، وما معنى أن تكون لغة ما لغة رسمية إذا لم تكن لغة عمل وإدارة؟.


إنه على الشركة الموريتانية للصناعة والمعادن مراعاة حقيقة كبرى وهي أن هناك جيوشا جرارة من حملة الشهادات العاطلين والمكونين بكل لغات العالم ومن بين تلك اللغات لغة البلاد الرسمية والدينية والتاريخية والحضارية، وليس من الوطنية ولا من قواعد العدل الإنصاف حرمانهم من فرص العمل لأن تكوينهم ليس بلغة معينة، خصوصا أنها لا تستخدم في شرائك الدول الأربعة عشر الأولى عالميا في أنتاج الحديد قبل موريتانيا (الصين، لبرازيل، استراليا، الهند، روسيا، أوكرانيا، الولايات المتحدة، جنوب إفريقيا، كندا، السويد، فنزويلا، إيران، كازاخستان، المكسيك ).


ندرك أن الحاجة إلى الكفاءات الجيدة تدفع شرائك الإنتاج في العالم إلى البحث عن الخبرات مهما كانت لغة تكوين صاحبها، لكن لم نسمع أن هذه الكفاءة مرتبطة بلغة دون أخرى، وهو ما يجعلنا نعتبر الإصرار من جانب أهم مؤسسات البلاد الاقتصادية على اشتراط اللغة الفرنسية للعمل داخلها هو شكل من أشكال السعي الجاري على أكثر من صعيد اليوم لواد مخاضات انعتاق الوعي واستمرار إدماجنا القسري في نمط ثقافي استعلائي يعزز إنتاج الانصياع الداخلي والعبودية الخارجية للغة دولة نحتفل كل سنة بخروجنا عن نيرها ونعتز بما قدمناه في سبيل ذلك من شهداء وتضحيات جسام.
الرئيس
د/ عبد السلام ولد حرمة
08 يونيو 2013

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122