موريتانيا: تطويع تكنلوجيا التواصل الاجتماعي للبحث عن ضوال المواشى

2015-06-07 17:38:00

  يصفونه بأنه مجتمع التقليد فمتى أقبل البعض منه على شيء أقبل عليه الجميع. إنه المجتمع الموريتاني الذي تنطبق عليه بصدق هذه الصفة وبخاصة في مجال استخدامه وتعامله مع الانترنت وركوبه لموجات التدوين والتغريد.

.


 

   في أقل من عقد من الزمن قفز المجتمع الموريتاني بجنسيه وبكافة فئاته العمرية من البداوة البدائية إلى لجج الانترنت حيث احتلت موريتانيا، حسب تصنيفات موقع «نت إندكس» العالمي لسنة 2014، المركز الرابع عربيًّا، متقدمة على السعودية والكويت ومصر، فيما احتلت وفق التصنيف نفسه، المركز رقم 82 عالميًّا بين الدول الأسرع في خدمات الانترنت.
  

  نعم.. عشرات الآلاف من الموريتانيين ذكورا وإناثا، شيبا وشبابا مغرمون بشبكات التواصل فحساباتهم على «الوتساب» وعلى «تويتر» تعج بالتغريدات، وصفحاتهم على الفيس مياسة بتدوينات تتدفق على مدار الساعة.
 

   يؤكد الباحث سيدي محمد ولد أمين «أن سهولة الاستخدام، والفائدة الإخبارية، وحرية التعبير، والتنوع، والتواصل الاجتماعي، والإثارة هي أهم العوامل التي تجذب الموريتانيين لوسائل التواصل الاجتماعي».
    ويضيف «الأحزاب السياسية والشخصيات الدينية من مشايخ التصوف، يستخدمون هذه الشبكات للتواصل مع المتابعين لأنشطتهم وتوجد قرابة 80 صفحة حية لمشايخ الطرق الصوفية، كما تنتشر صفحات التيار السلفي الموريتاني التي بلغت قرابة 400 صفحة، بينها 10 صفحات لموريتانيين موالين لتنظيم الدولة».
 

   من الطريف أن تطبيق «الوتساب» حل للرعاة الموريتانيين مشاكل التواصل للبحث عن شوارد البقر وضوال الإبل، كما أكد ذلك لـ «القدس العربي» سالم ولد الفضيل من مدينة سيلي بابي في أقصى جنوب موريتانيا «تمكنت عبر مجموعتي على «الوتساب» من العثور على نوقنا الضالة منذ سنوات».
 

   غير أن مواقع التواصل رغم أهميتها تثير قلقا كبيرا وتشعل نقاشات واسعة، حيث أنهى مركز «إرشاد» للدراسات في موريتانيا للتو حملة لإبراز مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي على التحصيل الدراسي.
   

وأكد خبراء المركز الاجتماعيون ضرورة الحيطة حيال ما سموه «الوافد دون استئذان» لأنه غير آمن على الشباب والطلاب الذين يضيعون فيه جل أوقاتهم».
    يقول المرابط الطالب الفاضل أستاذ فيزياء في ثانوية كيفه وسط موريتانيا (25 سنة) «المواقع والبرامج الإجتماعية اكتسحت مجتمعنا بقوة ووجدت الأرض الخصبة لها حيث أننا مجتمع شبابي استشرت فيه البطالة فوجد الشباب ضالته في قتل الوقت عبر وسائل التواصل الإجتماعي فكان للفيس نصيب الأسد رغم انه يبدو أكثر فائدة من الحصان الأسود الآخر المتمثل في الواتساب».


    وتابع «الواتساب له الأثر السلبي على التواصل بين أفراد الأسرة داخل المنزل، ومن سلبياته أن أحدهم دخل مجموعة «واتساب» وأخذ يتحدث على انفراد مع احدى عضوات هذه المجموعة فاتضح لها أن محاورها هو عمها الخمسيني».
   

ويتساءل الصحافي محمد ولد فتى عن القيمة التي تجنيها هذه الشخصيات من قتل الوقت وصرف المال على مواقع التواصل الاجتماعي، والجواب «انهم يبحثون عمن يحمدهم بما لم يفعلوا».


    ويرى الأستاذ ادوم ولد محمد الأمين الرئيس السابق للسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية «أن من خيرات شبكات التواصل لم الشمل واختصار المسافات، والتبادل الثقافي، لكن من شرورها الافلات من كل رقابة والسماح بإنتهاك أعراض الناس بمنأى عن كل معاقبة».
    ويرى الإعلامي فتى ولد مولاي «أن انشغال الموريتانيين بوسائل التواصل الاجتماعي مر بمرحلتين حاسمتين الأولى مرحلة الهزل وعدم الاكتراث والثانية التحول مع الحراك السياسي والاجتماعي إلى بوابات لا للتعارف فقط بل لتبادل الأخبار وطرق مواضيع ذات خطورة بالغة».
    هكذا بدأ المجتمع الموريتاني في إقباله الكبير على شبكات التواصل التي وجد فيها حلولا للتباعد ومجالا فسيحا للترويح عن النفس في خضم حياة يطبعها الصخب والتعقيد.

    عبد الله مولود/القدس العربي

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122