أسير وصحفية من غزة يجمعهما خاتم خطبة وتحول بينهما القضبان (تقرير)

2015-05-29 12:17:00

ليس كأي ارتباط بين شخصين على هذه الأرض، وليست كأي خطبة تتم بين شاب وفتاة كانت خطبة الأسير الفلسطيني سليمان فتحي شلوف (33 عاما) من قطاع غزة.

.



أبدع الأسير شلوف برسم صور من الفرح والأمل من بين الآلام المتزاحمة عليه داخل جدران السجون وزنازين تخنق كل ما يوحي للحياة.
 
فيما تعيش الصحفية عائشة شلوف (25 عاما) من قطاع غزة، فرحة وأمل مختلطة  بألم وحرقة بعد أن تقدم لخطبتها ابن عمتها الأسير سليمان، والذي يقضي حكما بالسجن مدته ثلاثة عشر عامأ مضى منها أكثر من عشرة أعوام.
 
عائشة التي لطالما ملأت قضية الأسرى المتخمة بالآلالم قلبها، ولطالما حملت هم الأسرى عبر كتابتها المتنوعة ونشاطها الصحفي، لم تتردد بالموافقة على الارتباط بأسير تقف قضبان السجون عائقا أمامهما مانعة من إتمام فرحة توصف دوما بفرحة العمر.
 
لحظات فرح

في مثل هذه المناسبات السعيدة يتبادل الخاطبان دبل الخطوبة في أجواء تملؤها الفرحة، وتغمر السعادة قلوب العائلة والأصدقاء، ولكن لم يكن الحال كذلك بالنسبة لعائشة؛ فبالرغم من أجواء الفرحة التي عاشتها عائلتها التي رحبت بارتباطها بأسير، إلا أنها حرمت من لحظة ارتداء الخاتم، فخطيبها يقبع خلف أسوار سجن "ريمون" الصحراوي.
 
 ما يقرب من ثلاثة آلاف رسالة مكتوبة هي مجموع الرسائل التي أرسلتها عائشة لخطيبها طوال سنوات اعتقاله قبل ارتباطهما، فمنذ ثمانية أعوام جاءت لها والدته وطلبت منها كتابة رسالة لابنها المسجون.
 
واستمرت بعد ذلك رحلة الرسائل التي كانت توقع دوما باسم والدة الأسير، ولكن مؤخرًا باتت توقع عائشة الرسائل باسمها، وتؤكد أن أغلب تلك الرسائل التي ترسل عبر الصليب الأحمر لا تصل لمتناول يد الأسير بفعل إدارة السجون، التي تضع تعقيدات بالغة في دخول أي رسالة لأسير تأتيه من العالم الخارجي.
 
مؤخرًا طلب الأسير سليمان من والدته أن تقوم بخطبة عائشة له، وذلك بعد أن نسقت العائلة لمفاجأة الأسير بذكرى ميلاده عبر إحدى الإذاعات المحلية التي يصل أثيرها داخل السجون، وفي اليوم التالي طلب الأسير من أمه  بشكل صريح خطبة ابنة خاله عائشة، فكان ما أراده الأسير لتعم أجواء الفرحة بعد ذلك، وتمت إجراءات الخطبة بين العائلتين وفق العادات والتقاليد المتبعة.
 
التشبث بالأمل

وعن الدافع وراء موافقة عائشة على الارتباط بسليمان؛ تقول في حديثها لمركز "أحرار" للأسرى وحقوق الإنسان: "يكفي أنه أمضى أكثر من عقد في الأسر في مدرسة سيدنا يوسف -عليه السلام-، وهذا حلم من أحلامي التي لطالما تمنيتها منذ سلكت طريق نصرة ومساندة الأسرى".
 
وأشار مدير مركز “أحرار” فؤاد الخفش أن الأسرى الفلسطينيين يحاولون بشتى الطرق والوسائل التشبث بالأمل، ويعد إقدام العديد من الأسرى الفلسطينيين خلال السنوات الماضية على عقد قرانهم وهم داخل الأسر بمثابة رسالة صمود وتحدٍّ في وجه المحتل.
 
وأوضح أن هذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها أسير على خطبة أو عقد قرانه وهو داخل الأسر، فهناك العديد من الحالات من آخرها إقدام الأسير محمود محمد سعيد أبو وهدان (35 عاما) من مخيم بلاطة في نابلس والمحكوم بالسجن أكثر من ثلاثة مؤبدات، على خطبة  ابنة عمه ريم عيد أبو وهدان (18 عاما) من قطاع غزة.
 
ونوه الخفش لتصاعد حالات إقدام الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال ومعتقلاته في الآونة الأخيرة على الخطبة والزواج، وذلك يدل على مدى العزيمة والإصرار لدى أولئك الأسرى في تحديهم لكل ظروف القهر والسجن المجحف.
 
وقال إن ذلك يؤشر على قوة الأمل المنبعث من أولئك الأسرى، رغم أنهم يمضون أحكاما طويلة بالمؤبدات في السجون، موضحا أن الأسرى لطالما أبدعوا في استحداث العديد من الوسائل والطرق التي تؤكد على حقهم في الوجود رغم محاولة الاحتلال وأْدهم أحياء.

وبنبرة فخر واعتزاز تقول الصحفية عائشة، التي تنتظر حاليا وصول وكالة رسمية من خطيبها الأسير لإتمام عقد القران كما يجب: "يكفيني فخرا أنني خطيبة الأسير سليمان، والحمد لله الذي رزقنيه".
 
وتختم حديثها قائلة: لن أجد إنسانًا أؤمنه على حياتي ومستقبلي ومستقبل أبنائي، أفضل من أسير ضحى بأجمل سني عمره دفاعا عن شعبه ووطنه".

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122