"دَسـْــنــَـــه"، أيها المحامي الذي "لا يعرفه منا أحد"

2015-04-14 12:39:00

عندما توفي الترجمان محمدن ولد أبنُ المقداد، المعروف بالفتوة، بادر ابن عم له بارتداء ثياب مزركشة كثيابه، وقام يتمشى الخيلاء في شوارع اندر، فقالت النساء الأندريات: "دسـْــنــَــه": أي "بقي شيء". سارت الركبان بهذه العبارة لبلاغتها،

.

وفهم الرجل، بعد فترة وجيزه، أن التزيي بزي شخص لا يعني إطلاقا التخلق بأخلاقه وبلوغ صيته. فتلك أمور أخرى تتطلب جهدا اختار الله له أصحابه الذين تمت تهيئتهم في الأزل بصفات ليس كل من هب قادر على التحلي بها. هذه القصة تذكرتها وأنا أرى محاميا، "لا يعرفه منا أحد"، وهو يرتدي عباءة ولد بوحبيني عندما رماها أمام الرئيس بأسلوب احتجاجي موغل في التحضر، فقلت في نفسي "دسْـنــَـــه". لقد بقيت على المحامي أشياء وأشياء ستظل تمنعه من الاقتراب من شسع نعل ولد بوحبيني. فهل قال في حياته كلمة حق أمام سلطان جائر؟ هل تغلب بسمعته وكفاءته على مرشح تدعمه السلطة بكل عتادها وعدتها وجبروتها ومادتها وتعييناتها وتلفيقاتها؟ هل خلق للمحامين هيئة محترمة مستقلة عن وزراء العدل وكواليس السلطة التنفيذية؟ هل دافع عن الحقوقيين والمظلومين؟ هل سُمع له صوت لصالح العون القضائي للضعفاء والفقراء؟ هل قارع وزراء العدل؟ هل قابل القنوات معبرا عن فساد القضاء وفساد الإدارة رغم الترهيب والترغيب؟ هل دافع عن حقوق السجناء وكشف عن ظروف المعتقلين في سجون موريتانيا؟ هل دافع عن عمال اسنيم وعائلاتهم المتضررة؟ هل وشحته دول ومنظمات عن استماتته في الدفاع عن مهنة المحاماة؟.. آلاف الأسئلة التي تجعل المحامي، الذي لا يعرفه منا أحد، يخلع عباءة ولد بوحبيني ويعيدها لصاحبها لأن القدر لم يَــخِـطــْــــها على مقاسه، ولأن الموريتانيين، بطرق مختلفة، قالوا كلهم: "دسنه، أيها المحامي الذي لا يعرفه منا أحد".

الخديم ولد ابراهيم

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122