مفاجآت الجبالي التونسية/ عبد البارى

2013-02-19 18:23:00

فاجأ السيد حمادي الجبالي رئيس وزراء تونس الشعب التونسي مرتين، الاولى عندما قرر تشكيل حكومة تكنوقراط تضم كفاءات من خارج المنظومة الحزبية، كمخرج من حالة الاحتقان السياسي التي تمر بها البلاد حاليا.

.

والثانية عندما تعهد بالاستقالة في حال فشله في تشكيلها.
بالامس توجه السيد الجبالي الى قصر قرطاج وقدم استقالته للرئيس التونسي موفيا بتعهداته، ومعلنا فشله في تشكيل الحكومة غير الحزبية، وطالب وزراءه بالمضي قدما في اداء واجباتهم حتى يتم تشكيل حكومة بديلة.
هناك احتمالان متوقعان بعد هذه الاستقالة، الاول ان يعيد الرئيس التونسي تكليف السيد الجبالي بتشكيل حكومة هي خليط بين السياسيين والتكنوقراط كحل وسط، وان يقبل هذا التكليف، والاحتمال الثاني ان يرفضه ويتم تكليف شخص آخر بهذه المهمة تتوافق عليه الترويكا الثلاثية التونسية الحاكمة.
من السابق لاوانه ترجيح اي من الاحتمالين، فالسيد الجبالي تحدى قيادة حزب النهضة الذي يرأس امانته العامة عندما اعلن عزمه تشكيل حكومة تكنوقراط دون ان يتشاور معها مسبقا، ويأخذ الضوء الاخضر منها، وانخرط في مفاوضات مع جميع الكتل السياسية الاخرى، والمنتمية منها الى صفوف المعارضة على وجه الخصوص.
السيد الجبالي ذهب بعيدا في اتخاذ خطوات استقلالية عن حزبه، وحظي بتأييد جناح داخل حزب النهضة جنبا الى جنب مع تأييد قوى حزبية معارضة، فالسيد عبد الفتاح مورو نائب رئيس حزب النهضة ايد خطواته هذه، وكذلك فعل الباجي قايد السبسي زعيم تكتل نداء تونس المعارض، والسيد مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان المؤقت) والضلع الثالث في الترويكا الحاكمة.
قبول السيد الجبالي بالتكليف الرئاسي الجديد بتشكيل الحكومة يعني انه سيقبل او سيرضخ لوجهة نظر الشيخ راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الذي عارض حكومة التكنوقراط'بقوة، ورفضه لهذا التكليف يعني احتمال انشقاقه ومن معه من هذا الحزب، وتشكيل حزب اسلامي جديد.
السيد الجبالي لم يكشف اوراقه، ولم يدل بتصريحات واضحة حول نواياه وخططه المستقبلية في المؤتمر الصحافي الذي عقده، واكتفى بالقول انه وعد الشعب التونسي بالاستقالة في حال فشله بتشكيل الحكومة غير الحزبية وها هو يفي بالوعد.
ايا كان قرار السيد الجبالي سواء بالقبول بالتكليف الرئاسي، او الاصرار على الاستقالة من هذه المهمة، ومواجهة تبعات الخيارين، فانه حقق شعبية كبيرة، وحظي باحترام معظم التيارات السياسية في تونس، وظهر كشخصية سياسية معتدلة يمكن التعويل عليها في صياغة مستقبل تونس في المرحلة المقبلة وهذا انجاز لا يمكن التقليل من شأنه في عالم السياسة.

عبد البارى عطوان

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122