بغداد لن تكون عاصمة الإمبراطورية الإيرانية كما صرح نائب رئيسها

2015-03-11 15:26:00

لا نعتقد أن شخصا في مكانة السيد علي يونس نائب الرئيس الايراني حسن روحاني ومستشاره للشؤون الدينية لا يدرك خطورة تصريحاته التي ادلى بها ونقلتها وكالة انباء اخبار الطلاب الايرانية، وكشفت عن نوايا ايرانية استعمارية تمتد من العراق حتى الصين.

.


السيد يونس قال في هذه التصريحات غير المسبوقة “ان ايران اصبحت الآن امبراطورية، كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي (اي بغداد) مركز حضارتنا وثقافتنا كما كانت في الماضي.

هذه التصريحات الاستفزازية التي تنطوي على الكثير من العجرفة، والاستعلاء والشوفينية، تصب في مصلحة المعسكر العربي الذي يؤكد ان ايران لا تقل خطورة عن اسرائيل، وانها تملك نوايا توسعية في المنطقة العربية بأسرها، وباتت تسيطر على اربع دول عربية هي العراق وسورية ولبنان واليمن، وتوجه ضربة قاتلة للمعسكر الذي يرى فيها جارا مسلما حليفا في وجه المخططات الغربية.

لو جاءت مثل هذه المواقف في مقالة في صحيفة ايرانية مغمورة، لما توقفنا عندها، ولكن ان تأتي على لسان نائب رئيس ايراني من المفترض انه يمثل جناح الحمائم والاصلاحيين المعتدليين في ايران فهنا تكمن المأساة، وهنا يكمن مصدر الخطر والريبة والشكوك لدى البعض في حقيقة النوايا الايرانية في آن.


***

الملايين في الوطن العربي، بل وفي العالم الاسلامي تعاطفوا مع ايران لانها تقود المعسكر المقاوم والممانع وتتصدى لمخططات اسرائيلية عدوانية توسعية، ومشاريع امريكية تريد تفتيت المنطقة، لكننا لا نعتقد ان هذا التعاطف يمكن ان يستمر اذا ما اكتشف اصحابه ان هناك نوايا توسعية امبراطورية ايرانية تريد ان تلتهم العراق، وتجعل من بغداد عاصمة للامبراطورية الايرانية الجديدة.

فلنكن اكثر تحديدا ونقول ما هو الفرق بين السيد ابو بكر البغدادي زعيم “الدولة الاسلامية” الذي يريد اقامة خلافة اسلامية تمتد من الصين وحتى شواطيء المحيط الاطلنطي الاوروبية وتحاربها ايران بشراسة، وبين السيد يونس نائب الرئيس الايراني الذي يطالب بالشيء نفسه على ارضية توسعية عنصرية طائفية؟

وزارة الخارجية العراقية كانت الوحيدة للاسف التي قدرت خطورة هذه التصريحات وسارعت باستنكارها، واصدرت بيانا اكدت فيه ان العراق دولة ذات سيادة يحكمها ابناؤها، ولكن هذا الاستنكار لا يكفي في رأينا، وخطورة هذه التصريحات تتطلب موقفا اكثر قوة وادانة من قبل رئيسي الوزراء والجمهورية العراقيين كحد ادنى.

توقيت اعلان هذا الموقف الاستفزازي التي يعكس “غرور القوة” في وقت تقاتل فيه قوات الحرس الثوري الايراني في العراق الى جانب الجيش وميليشيات الحشد الشعبي الطائفية يوحي بأن هناك في ايران من يفكر بعقلية المنتصر مبكرا، ويتصرف على اساسها، وكأن ايران باتت هي القوة الاقليمية العظمى المهيمنة، الامر الذي سيوفر الذخيرة الفكرية وربما العسكرية لاعدائها في المنطقة العربية وما اكثرهم.

صحيح ان السيد يونس حاول “ترقيع″ تصريحاته الاستعلائية هذه، وصرح لوكالة الانباء الايرانية نفسها بالقول انه عندما قال ان “العراق عاصمتنا” لم يقصد به الوقت الحالي، وانما خلال العصور الساسانية والاشقافية والاخمينية، واكد “ان الجمهورية الاسلامية الايراينة لا تدعم اي تدخل لدولة ما في سياسات وشؤون دول اخرى”، ولكن هذا “الترقيع″ جاء متأخرا وبعد ان حصل الضرر فعليا واعطى ثماره، او بعضها، بما يخدم قارعي طبول الحرب ضد ايران في الدول العربية والمحذرين من نواياها التوسعية.


***

القيادة الايرانية اذا كانت تريد ان تنأى بنفسها عن مثل هذه المواقف فان عليها ان تبعد هذا الرجل من منصبه فورا لاثبات حسن نواياها تجاه جيرانها، والعراقيين منهم خصوصا، شيعة كانوا ام سنة، واستمراره في منصبه يعني انها تتبنى مثل هذه المواقف.
ما يجب ان يعرفه السيد يونس وكل الذين يتبنون افكاره اننا نعيش في القرن الواحد والعشرين، وان زمن الامبراطوريات قد ولى الى غير رجعة، وان اللغة السائدة هذه الايام هي لغة التعاون واحترام مصالح الآخرين خاصة في دول الجوار.

نريد ان نلفت نظر السيد يونس ان الشعب العراقي حارب ايران ثماني سنوات، مثلما حارب الاحتلال الامريكي عشر سنوات اخرى، وانسحبت القوات الامريكية مهزومة، وبعد تكبدها خسائر بشرية ومالية ضخمة، ولا نعتقد ان هذا الشعب سيقبل بتحويل بلاده الى عاصمة لامبراطورية ايرانية او امريكية او اي دولة اخرى طامعة في السيطرة عليه وبلاده.


اذا ارادت ايران ان تكسب عقول وقلوب العرب والمسلمين فان عليها ان تكون دولة تقف في خندق الشعوب المستضعفة التي تقاتل من اجل مواجهة الاستكبار والغطرسة الاستعمارية الغربية، وان تجتث قيادتها كل اصحاب النزعات الطائفية والعنصرية الاستعلائية، اما ان توفر منبرا لهؤلاء، وتضعهم في مواقع قيادية متقدمة، فهذا امر يتناقض كليا مع قيم ثورتها الاسلامية التي جاءت من اجل الانتصار للضعفاء والمظلومين ومواجهة الاستعمار الغربي وحليفته اسرائيل.

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122