صالون الولي محمذن ولد محمودا في حلقة جديدة بعنوان اللغة العربية والمجتمع

2015-03-02 15:05:00

الأمل الجديد - ظلت الصالونات العلمية والثقافية على مر التاريخ تقوم بدور كبير وبارز في تنمية الحراك الفكري والتواصل بين المثقفين بمختلف مستوياتهم وتعدد قدراتهم لتعضيد دور المؤسسات العلمية والعلماء المرشدين لترقية المجتمع والحفاظ على قيمه ..

.

وقد تزايدت الحاجة لادوار هذه الصالونات لتكون مكملا لدور الجامعات والأندية الأدبية والمراكز الثقافية بسبب النجاح الذي تحققه هذه الصالونات لبعدها عن التعقيدات التنظيمية ولكونها مكانا للتواصل سهل الولوج  والاهم من ذلك اتساع دائرة الحرية، واتساع مساحات المواضيع والحديث والنقد، بخلاف ملتقيات المؤسسات المجدولة بعناية ..

وهكذا توهج وانتشر في موريتانيا دور وأثر الصالون الثقافي الوحيد في البلد منذ تاسيسه صالون الولي محمذن بن محمودا المتواصل العطاء منذ خمسة وثلاثين سنة  ، فأدى أدوارا كبيرة في الحراك الثقافي والفكري والترقية الاجتماعية بمختلف مستوياتها، وخاصة في الآونة الأخيرة، ولعب دورا بارزا في الحفاظ على خصوصيات مجتمعنا ووحدته الدينية والعلمية والوطنية في ظل المخاطر الجمة المحدقة بكيان هذا المجتمع في عالم الكلمة الاثيرية والمنابر المفتوحة في كل مكان من العالم . وظل هذا الصالون كذلك ملتقى محببا لنفوس المثقفين والعلماء والمفكرين بما يمنحه من مساحة فسيحة للتحدث والاستماع والمناقشة وازداد  مع الوقت مكانة وألقا. وإذا اعتبرنا أن المجالس الأدبية والعلمية هي انعكاس صحي وسليم لواقع الحركة الأدبية والثقافية في المجتمع، فانه من الطبيعي ان لا يغيب هذا الصالون عن مواكبة المواضيع التي يتقاطع الكثير من الناس في الاهتمام بها . بل إذا جاز القول قلنا إننا نعيش مع صالون الولي محمذا ربيعا عربيا ثقافيا وعلميا لفائدة مجتمعنا وهويتنا الحضارية والدينية إذ لا يزال واحة مصغرة لاحتضان الثقافة والفكر وروادهما ، ومجمعا لتكريس مبادئ الاثراء الفكري والتعاطي العلمي الحر ، وتسليط الضوء على الزوايا العلمية والثقافية المختلفة المهمة ، ومتواصلا مع العمق الانساني في ظل ما يسمى ب "ثقافة الصورة" المتمثلة في الفضائيات والإنترنت، وطغيان القيم الاستهلاكية والنمطية على التفكير والوجدان ..

وإذا كانت الصالونات اعتبرت في بعض البلدان ترفا فكريا فإنها لدينا بمثابة زورق النجاة الذي يحافظ على تماسك النخبة ويحفظ أصواتها من الضياع في زحمة الدور الشعبي المتنامي بفعل التلفزات والانترنيت ويؤسس لمرحلة ثقافية موريتانية بكل مقاييس الثقافة إرسالا، واستقبالا، وفهما، وتأويلا .. كما يقدم صالون الولي نفسه على أنه شكل راقي من أشكال التواصل الثقافي التي تثير الانتباه بسبب قدرتها على البقاء بجنب الصورة المرئية والمعلومات السائلة في عالم الفيسبوك وما بعده..

وفي إطار حلقاته الثقافية العلمية المستمرة كل أسبوع استضاف صالون الولي محمذن ولد محمودا السبت الدكتور ناجي محمد الإمام الكاتب والشاعر المعروف رئيس جمعية الضاد في موريتانيا ورئيس المجلس الأعلى لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين ليلقي محاضرة تحت عنوان : اللغة والمجتمع .. وقد تميزت هذه المحاضرة بتناول موضوع اللغة العربية من عدة زوايا تراوحت بين مكانة اللغة العربية عبر التاريخ، ومكانتها بين لغات العالم، وسبل الحفاظ عليها ، فضلا عن دورها السيادي والثقافي، عند العرب والمسلمين.

وتميزت هذه الحلقة من الصالون بكونها قي حد ذاتها صورة مصغرة عن المجتمع في لحظة انسجام مطلق بين كل المكونات الاجتماعية بكل جهاتها واديولوجياتها وتجاربها فضلا عن كون الصالون ضم مختلف الاجيال العمرية من حقبة الاستعمار الى الحقبة الحالية مما أثرى وسهل التبادل والتواصل بين مختلف المستويات علميا وعمريا .

وتميزت كذلك بمداخلة علمية قدمها خبير التقنيات والبرمجة محمد بن عبد الفتاح حول آخر ما توصلت اليه الابحاث في تكنولوجيا معالجة اللغات الطبيعية عن طريق الآلة في التواصل اللغوي البديل ..

وتميزت هذه الحلقة أيضا بكلمة الاستاذ/ احمد ولد آبه التي أبرز فيها كون الفن الموريتاني على مر تاريخه ظل رافدا من روافد الحفاظ على اللغة العربية وما تحويه من القيم النبيلة داعيا ا الى احياء العلاقة التي قال انها كانت قائمة بين الشعراء والادباء والفنانين ليظل هذا الرافد قائما بدوره في المحافظة على اللغة العربية واستمراريتها بين الاجيال ..

أما المداخلات المباشرة والتعقيبات التي اثرى بها المشاركون الحوار فلا تسل عن رقي مستواها وشموليتها وأهميتها ، ولعلنا ننشرها في حلقات لاحقة بعد نشر المحاضرة ..

وقد ترأس جلسة الصالون الزعيم الاجتماعي الوزير والسفير السابق الدكتور الباحث أحمدو ولد سيدي ولد حننه،

وبحضور صاحب الصالون الولي محمذن ولد محمودا ونخبة واسعة من الشخصيات الثقافية واعيان المجتمع منهم :

الاستاذ السفير المفكر أحمد باب ولد أحمد مسكه

السفير التقي ولد سيدي الوزير السابق

ابو بكر ولد احمد رئيس مجلس جائزة شنقيط

الوزير السابق عبد الله السالم ولد المعلى رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين

الوجيه الاجتماعي ورجل الاعمال / الشاش بن محمد بن ديه

الدكتور الامين بن محمد بابه استاذ جامعي

الدكتور أحمد ولد امبيريك استاذ جامعي 

الدكتور أحمد ولد حبيب الله أستاذ جامعي

الاستاذ الباحث احمد فال بن احمد الخديم - ممثل عن مرصد اللغة العربية

الاستاذ أحمد ولد آبه رئيس المكتب الموريتاني لترقية الموسيقى

الاستاذ / محمد سالم ولد الداه رئيس المركز العربي الافريقي للاعلام والتنمية

الاستاذ محمد سالم بن آبه العَلم اليعقوبي الباحث في قضايا الصحراء الكبرى

الدكتور محمد الأمين ولد صهيب أستاذ جامعي

الاستاذ/ محمد بن عبد الفتاح

السفير / الناه بن محمذن بن محمودا

الصحفي سيدي ولد امجاد رئيس مركز امجاد للثقافة والاعلام

الدكتور بلال ولد حمزة الأمين العام لجائزة شنقيط

الدكتور محمدو ولد احظانة مستشار وزيرة الثقافة

الدكتور محمد الأمين ولد محمد موسى أستاذ جامعي

الدكتور أحمد سالم ولد أباه أستاذ جامعي

الاستاذ الأديب أحمد ولد محمد الميداح

الصحفي افلواط ولد الداهي

الاستاذ الشاعر المختار السالم أحمد سالم

الدكتور عبد الله ولد اواه استاذ جامعي

الاستاذ/ حمم بن عاون

الصحفي سيدي ولد عبيد

المهندس شيخاني ولد محمدن النحوي

وفي الختام شكر الحاضرون الولي محمذن على دور هذا الصالون في تواصل النخبة الثقافية والعلمية الموريتانية، وإتاحته الفرصة لهم لتبادل الاراء من شتى الاختصاصات والمكونات الوطنية وعبروا جميعهم عن امتنانهم لهذا الصالون الذي يجسد حاضنة اجتماعية ووطنية الى كونها حاضنة علمية وثقافية وحيث كنت شاهدا على هذا الصالون فلا يسعني إلا أن اغتبط بما قدمه الولي العارف بالله محمذن بن محمودا من جهد علمي يعود بالنفع علينا جميعا وانقله للراي العام جميعا.

 

 

محاضرة ناجي الإمام في صالون الولي تحت عنوان "أحاديث عابرة عن: اللغة والناس" وهذا نصها:

"حديث النفس... ندبني من لا تمكن مخالفته آدب هذه الندوة الفكرية الثقافية الندية ،الشيخ الولي الصالح محمذٌ ولد محموداً، الذي  أضحت بفضله معلمة و موقعا وموقفا في هذه الموماة التي لم يَجُبْهَا عابر بغير العلم  إلا ابتَلَعَتْهُ فقَذَفَتْهُ فَضَلَّ و أَضَلَّ، وما ارتادها خِرّيت بالعلم إلا تراءت في أفقه المنارة والرباط فأضاءتا ما حوله فاهتدَى وهدَى".

وأضاف "ندبني قُلتُ ، للحديث مع هذا الجمع الوقور الموقر، و إن لم  أكُ مؤهلاً  لمثل هذا الجهد المعرفي في محفل محترم  كَكُم... فأحببتُ  أن يكون الحديثُ مفتوحاً عن مجالٍ  أعتبرُه مجمع  المجالات  إنه الحديث الذي لا يُمل عن اللغة ولكننا هذه المرة سنتكلم عنها في المطلق ، متخففين ما أمكن ، من الشحنتين العاطفية والمطلبية، فلكل مقام  مقال، حتى نتواصل في رحبة ممتدة من التعريفات المتخصصة لجهابذة اللسانيات القدماء و المحدثين لنقبس منها ومن تعقيباتكم و تعليقاتكم عليها وما نراهُ في حدود فهمنا المتواضع وعلمنا القليل، لنصل بهم وبكم إلى ما يغني و يُقني في مجالات ما تزال بكراَ على مستوانا الوطني ،عنيتُ مجاليْ اللسانيات وعلم اللغة الاجتماعي وغيرهما مما يتصل باللغة (وسأكتفى شفاهيا بالعزو، وكتابيا بوضع الاستشهاد بين ظفرين) . لكثرة ما شغلتنا اللغة الوطنية بكونها قضيةً وطنية و رهانا و هوية فقد انشغلنا باستدعاء المقدس و تجييش الحمية و إيقاظ أبطال الزمن الجميل و استعداء الآخر المتعلق نفعيا بالأجنبية ،و كان خطُّنا الدفاعيُّ الأولُ غنى اللغة العربية بما يربو ــ مثلا ــ على مائة اسمٍ للأسد و المترادفات التي لا حصر لها، في الوقت الذي كانت فيه حرب المصطلحات تستعر و أذهان المترجمين تتوقد والصراع الحضاري الصامت بين النمور و بلاد الميجي و المندارين و المسكوبي و العم سام و شيوخ القارة العجوز، يتوالى بعدد براءات الاختراع المسجلة في كل عاصمة و الكوري الجنوبي يطوي جفنيْه ضاحكا لسامسونغ... بينما كان علينا ، لنُجرِّد الخصم من كل حجة ،  أن نناضل لتعليم أبنائنا بلغتنا الأم لسبب بسيط في عمقه مقنع في جوهره علمي في حجيته: إنها لغتنا ولا تقدم للأمم إلا بلغاتها حصراً . ليس للغة اليابانية قدسية و لا حروف ولكنها لغة التعليم الوحيدة في بلاد الامبراطور الإله ،من الروضة إلى المختبر وبالعزيمة و الوطنية ملكت ثالث اقتصاد في العالم. و بلاد النحاس و القصدير و الغابات الماطرة على مدار العام و آلاف الأنهار ،التي قتلتْ باتريس لوممبا و رتلتْ عليه القداس بالفرنسية و سلمت مقاليدها للماريشال موبوتو كوكو وازابنغا ثم إلى الشاب ابن الكهل كابيلا ،توارثت تَعليم أبنائها من الروضة إلى القبر باللغة الأجنبية الفرنسية وآية ذلك أنها حازت على الدرجة ال187 على سلم النمو الاقتصادي، أي الدرجة ما قبل الأخيرة...

إن ابتعادنا عن مجالات البحوث و الدراسات و التخصصات اللغوية الحديثة في غير العلوم الأصلية ناجم، بالأساس ،عن تقليدية مخرجات المحظرة التي  هي الرافد الأول للتخصص الأدبي. حديث التعريف يقول الدكتور هادي نهر:"إنّ العلاقات بين الظواهر اللغوية والظواهر الاجتماعية, وتأثر اللغة بالعادات والتقاليد والنظام الاجتماعى ،فى زمان ومكان معينين ،قائمةٌ منذ أن وُجدت اللغة والحياة الاجتماعية، فجوهر الإنسان وحساسيته وحياته الاجتماعية كامنة فيها و هي من أعظم الاكتشافات التي عرفها الإنسان على مر العصور ،فقد نشأت باتفاق جمعي نتيجة حاجات الفرد والجماعة، وهي أحد العوامل المؤثرة في المجتمع تبقى ببقائه وتزول بزواله، كما أنها روح من الحياة التي نشأت فيها وسارت معها وتغذت بغذائها ونهضت بنهوضها وركدت بركودها". فما هي اللغة؟؟ لِنَرَ تعريف اللغة عند بعض الباحثين، بادئين بما أعتبرُه أول تعريف وُضع في اللغة العربية لعثمان بن جني بكسر الجيم و النون مع تشديدها و تسكين الياء ، الذي يلخصه في أنها "أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم" و رغم تقادم فترته، فقد كان دقيق التعريف محدد الألفاظ مؤكدا الطبيعة الصوتية للغة منبها إلى وظيفتها الاجتماعية في التعبير و تبادل الأفكار و تفرد كل قوم بلغتهم. (قومية اللغة) وتدرجت التعريفات و اتسعت باتساع استخدام اللغة الناجم عن التوسع في الحاجة التي هي أم الاختراع  ، والاختراع الذي أصبح هو نفسه حاجة تتسابق أذهان أبناء البشر لقضائها بمزيد منها في عملية تسبي العقول و تبهر البصائر.

و من تلك التعريفات ،على سبيل المثال ، تعريف سابير، إدوارد (1884 -1939)م العالم الأمريكي المتخصص في علم الإنسا ن (الأنثروبولوجيا) وعلم اللغة الذي يرى أن" اللغة أداة اتصال إنسانية  خالصة وليست غريزية ، تستهدف توصيل الافكار و المشاعر و الممارسات والرغبات من خلال نظام من الرموز يختاره مجتمع  ما". (الاتصال) ويعرف جورج ليونارد تراجرعالم اللسانيات الأميركي  (1906ــ1992) اللغة بـ"أنها نظام من الرموز الصوتية يتفاعل بواسطته أفرادُ مُجتمع مَا في ضوء الاشكال الثقافية الكلية الخاصة بهم ".على اعتبار التفاعل تشاركا وجدانيا وهو حالة أكثر كثافة  من الاتصال بلْ تتجاوزه. ( التفاعل)

  ويرى أفرام نعوم تشومسكي (المولود1928فيلادلفيا، بنسلفانيا وهو أستاذ لسانيات وفيلسوف أمريكي  إضافة إلى أنه عالم إدراكي وعالم بالمنطق  ومؤرخ وناقد وناشط سياسي. وأستاذ لسانيات فخري في قسم اللسانيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا التي عمل فيها لأكثر من 50 عاما).  صاحب نظرية التوليد والتحويل في النحو أن اللغة فئة أو مجموعة من الجمل المحدودة أو غير المحدودة و يمكن بناؤها من مجموعة محددة من العناصر، وهذه العناصر المحدودة تساعد على  الإبداع غير المحدود بواسطتها فإذا كانت الأنماط  اللغوية يمكن حصرها ، مثلا ، في : " فعل + فاعل + مفعول به " فإن الجمل التي يمكن وضعها في هذه الأنماط  لا حصر لها فهي إذًا لا  محدودة.

وظائف اللغة والكلام عن الاتصال ومكانته في تعريف اللغة يستوجب الكلام على وظائفها، وتبيين موقع الاتصال فيها. إن اللغة هي وسيلة الفرد لقضاء حاجاته، وتحقيق مراده في مجتمعه، وبها يحاجج عن شئونه ويستفسرعن ظنونه، ويستوضح عن ما غمض عليه، و بها تنمو مداركه و معارفه، وتزداد خبراته بتفاعله مع البيئة التي يندمج فيها. وعن طريقها يفعل في الآخرين، ويتصرف بعواطفهم، كما يؤثر في عقولهم. واللغة مستودع تراث المجتمع، والعروة الوثقى التي تجمع أبناءه وتوحد كلمتهم، وتؤلفهم فكرياً، وهي القنطرة الآمنة الممتدة بين ضفتي الماضي و المستقبل لتَعْبُر عليها أجيال الحاضر إلى الآتي. وكيفما تعددت تعريفات اللغة، فإن "الاتصال" يظل في طليعة وظائفها. " إن اللغة بالأساس وسيلة اتصال بين أفراد جماعة تؤلف بينهم على صعيد واحد".

ويحتاج الفرد إلى استعمال اللغة للاتصال في مواقف كثيرة، يجملها الألسني الأميركي الآخر روبيرت اندرسون هول (1911ـ199 المختص في اللغة الرومانسية و دارس الكريول الانجليزي )في سبع وظائف أساسية هي :

1. الوظيفة النفعية ويقصد بها استخدام اللغة للحصول على الأشياء المادية مثل : الطعام، والشراب. ويلخصها في عبارة "أنا أريد".

2. الوظيفة التنظيمية ويقصد بها استخدام اللغة من أجل إصدار الأوامر للآخرين، وتوجيه سلوكهم. ويجملها في عبارة "افعل كما أطلب منك".

3. الوظيفة التفاعلية ويقصد بها استخدام اللغة من أجل تبادل المشاعر، والأفكار بين الفرد والآخرين. ويمثلها في عبارة "أنا وأنت".

4. الوظيفة الشخصية ويقصد بها استخدام اللغة من أجل أن يعبر الفرد عن مشاعره، وأفكاره. ويعبر عنها بقولة: "إنني قادم" . 5. الوظيفة الاستكشافية ويقصد بها استخدام اللغة من أجل الاستفسار عن أسباب الظواهر، والرغبة في التعلم منها من باب: "أخبرني عن السبب". 6

. الوظيفة التخيلية ويقصد بها استخدام اللغة من أجل التعبير عن تخيلات، وتصورات من إبداع الفرد، وإن لم تتطابق مع الواقع. كعبارة "دعنا نتظاهر أو ندعي". 7

. الوظيفة البيانية ويقصد بها استخدام اللغة من أجل تمثل الأفكار والمعلومات، وتوصيلها للآخرين. ويلخصها في عبارة "لَدَيَّ شيء أريد إبلاغك به".

8. وظيفة التلاعب باللغة واللعب باللغة، يقصد به بناء كلمات منها حتى ولو كانت بلا معنى، ومحاولة استغلال كل إمكانات النظام اللغوي.

9. الوظيفة الشعائرية ويقصد بها استخدام اللغة لتحديد شخصية الجماعة، والتعبير عن السلوكيات فيها. ويلخصها في عبارة "كيف حالك" تلكم هي بعض أهم تعريفات اللغة في المطلق و تنطبق على كل لغات الكون.. حديث التعداد فكم عددها؟؟ ــ وفقاً لليونسكو تتعايش على الأرض نحو 7 آلاف لغة، منها ما يربو على ألفين في قارتنا الإفريقية ،ولكن عدداً قليلاً منها هو الذي يطلق عليه اللغات الأوسع انتشاراً وهي:

1- الماندارين يعرفها الناس بالصينية، وهي بالفعل اللغة الرسمية في الصين وتايوان، ويتحدث بها أكثر من 845 مليون مواطن داخل الصين وتايوان أو خارجها من معظم دول العالم، وهذه اللغة لها طريقتان في الكتابة، الطريقة البسيطة والطريقة التقليدية

2ـ الإسبانية مشتقة من البرتغالية، وهي إحدى اللغات الرسمية في الأمم المتحدة، وهي لغة رسمية أيضاً في حوالي 20 دولة ويصل عدد متحدثيها إلى 329 مليون شخص، من ضمنهم أفراد موجودون في عدة ولايات في أميركا اللاتينية باستثناء البرازيل ودول أخرى، ويتحدث بها أيضاً سكان جنوب غرب الولايات المتحدة الأميركية

3ـ الإنجليزية و هي إحدى نتائج تطور عائلة اللغة الألمانية الغربية، مرت بعدة مراحل حتى وصلت لشكلها الحالي، ويتركز معظم متحدثيها في الولايات المتحدة الأميركية ويصل عددهم إلى 309 مليون شخص موزعين على حوالي 53 دولة في كل القارات مثل كندا وجنوب أفريقيا ونيوزلندا والهند، وهي أيضاً لغة رسمية في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة

4-الأوردو من اللغات الرسمية التي يرجع أصلها للغات الهندية، وهي اللغة الرسمية في باكستان، ويبلغ عدد المتحدثين بها حول العالم نحو 242 مليون شخص أغلبهم بباكستان وبعض دول أوروبا وشمال أميركا، وتستخدم في كتابتها الحروف الهندية والعربية.

5-العربية من أقدم اللغات في العالم، وهي لغة رسمية في حوالي 26 دولة في الشرق الأوسط الذي يشمل أجزاء من أفريقيا وآسيا، ويبلغ عدد المتحدثين بها نحو 221 مليون شخص. حديث لغة الكتاب وتتميز هذه اللغة بكونها اللغة الحية الأقدم في العالم و الوحيدة التي خلدها كتاب بقيت ببقائه وستبقى إلى يوم الدين مما جعلها تتوفر على قاعدة أدائية في الجانب الصوتي بفضل ضبط قراءة التنزيل.

ولقد كان لبلادنا بحكم الخصائص الدينية و الخصوصية المعرفية الفريدة باعتبارها "البادية العالمة الوحيدة في الكون تميزها الذي جعل الكلمة الأكثر تداولا و الشيمة الأثيرة عند مجتمعنا الموريتاني هي "الأدب" سلوكا والأدب فنا حتى أصبحت صفة "الأديب" درجة امتياز للشاعر اللهجي أكثر من الفصيح لتعلق الناس بنبل مقصدها.

لقد جعلت هذه الميزة الخارقة أجيال أهل هذه اللغة يعيشونها كما عاشها أسلافهم منذ مئات السنين نطقا و فهما يتقارب في ذلك أُمِّيُّهم و متعلمهم لفرط مخامرتها تفاصيل حياتهم من المثل المضروب فصيحا في ثنايا الحديث الدارج بين مختلف طبقات المجتمع إلى الأغنية "المشوهدة" ببيت جاهلي  يتغنى  بها زفان أمي، وفي ذلك بعض اسرار البقاء و الحياة و الاستمرار والصمود في وجه أعتى حملات التشكيك و الألينة و الاستلاب و القهر الحضاري بالاستعمارين القديم والجديد و التفكيك و الشرذمة حديث اللغة و المجتمع    

   "إن علم اللغة الاجتماعي يهتم بالخطوط العامة التى تميز المجموعات الاجتماعية من حيث أنها تختلف و تدخل فى تناقضات داخل المجموعة اللسانية العامة نفسها, والوقوف على القوانين التى تخضع لها الظاهرة اللغوية فى حياتها وتطورها وما يعتورها من شؤون الحياة , ومبلغ تأثرها بما عداها من الظواهر الاجتماعية التى لها تأثير على اختيار الناس اللغةَ, وما تحمله هذه اللغة من طابع حياة يتميز به الناطقون بها, وطرائق الاستعمال اللغوى التى يكتسبها الإنسان من المجتمع". اللغة والثقافة مرَّة أخرى مع نقتبس من المصدر أعلاه لنتعرف على علاقة اللغة  بالثقافة في علم اللغة الاجتماعي حيث يقول:   يقر الدارسون أن هناك خمسة عناصر أساسية يمكن اتخاذها معيارا لتصنيف البشرية إلى أمم، ولوضع الفوارق بينها متمثلة بـ: الجنس المشترك والدين والقومية واللغة والثقافة، واللغة والثقافة بوجه خاص دور بارز في هذا التصنيف، إذ هما بمثابة المرآة العاكسة لكل أنواع النشاط الإنساني في هذه الأمة أو تلك، كما أن بين اللغة والثقافة علاقة وثيقة أو بتعبير آخر علاقة الجزء بالكل، فاللغة أخص والثقافة أعم وأن بينهما علاقة التأثير والتأثــر.

فاللغة ليست مجرد ضوضاء أو أصوات تلقى في الهواء، وإنما هي تجسيد حي لكل معارف الإنسان وخبرته ودليل شخصيته وهويته الثقافية من هنا و تأسيسا عليه ، ختاماً أقول: لقد أنتجت اللغة العربية و آدابها في المجتمع الموريتاني بكل مكوناته ،وإن بتفاوت ،حالة سلوك لم تجد من يكتشفها أو يكشف عليها حتى الآن. وإذا كانت حالة "الحلول" التي يعيشها هذا المجتمع الرائع في لغته جعلت "العربية" في الذاكرة الجمعية لشعبنا قدس أقداس و العربَ "نوعاً" ساميا (من السمو) لا وجود له إلا في المتخيل (كالقول المأثور عن المرابط محمذ فال في وصف العلامة محمد بن الطلبه : عربي أخره الله) أو كما ورد عنه " تعلم اللغة قطعا فضل* على التخلي لعبادة العلي) أو البدوي في نظمه: حمدا لمن رفع صيت العرب* و خصهم بين الأنام بالنبي...

فقد واجه هذا المجتمع التغريب بمقاومة ثقافية صامتة فعالة و أخرى صاخبة بنفس الفاعلية لكن أسباب المنعة والاستمرار كانت أوفر لدى المقاومة الثقافية العقدية إلى أن سلمت المشعل لأجيال المقاومين مطلع الاستقلال و الحقب اللاحقة مما ضمن توارث الأجيال و تواصلها حمل راية اللغة العربية و الثقافة الاسلامية التي لم تكن يوما انتماء لعرق أو شريحة أو فئة بل كانت و ستظل عقيدة و انتماء حضاريا يتجاوز أمراض العصبيات... و غدا نحتفل لأول مرة باليوم الوطني للغة العربية ...فتنزلي يا شآبيب الرحمة على أرواح شهداء لغة القرآن الكريم ...إنهم فتية نهلوا من نور التنزيل: وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ صدق الله العظيم.

 

تقرير الحسن ولد محنض

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122