إلى الشعب العراقي البطل.. / محمد الكورى ولد العربي

2013-02-10 20:11:00

سيدي الشعب العراقي البطل، ماجدات، شبانا، أطفالا وكهولا.. سيدي شعب العراق البطل تاريخا وحضارة وإنسانية. سيدي شعب العراق البطل في ماضيك المجيد، وحاضرك النبيل ومستقبلك المشرق..

.

سيدي شعب العراق البطل وأنت المصهر الذي تفاعلت فيه الحضارات البشرية، وامتزجت فيه الثقافات، وتعايشت فيه السلالات، وتسامحت فيه العقائد والديانات. سيدي شعب العراق البطل وأنت منبع الحب وثمرة الأخوة والأخلاق الرفيعة والرحمة المتفشية.. سيدي شعب العراق البطل وأنت أعلى قمة في التاريخ وأعظم شعب في العطاء، وأرفع كعب في الوفاء وأصعب مراسا في النزال وأشجع في القتال وأشد وطئا على الأعداء... وأبدع في إذلال الطغاة بالنعال!.

سيدي شعب العراق البطل، الشعب العربي يتابع بإجلال ورؤوس مرفوعة ثورتك الميمونة التي فجرتها باقتدار كما فجرت مقاومتك المسلحة، من قبل. وكما كنت عظيما في الأولى، فأنت عظيما في الثانية: لقد هزمت الغزاة شر هزيمة في مقاومتك، وها هم العملاء وأسيادهم المجوس يرجفون، وقد زاغت أبصارهم وطارت أفئدتهم هواء من هول طوفان غضبك الجارف، الهادر.

لقد كشفت، بحق، معنى الثورة حينما يفجرها شعب عريق في بذل التضحيات، وحينما يقودها قادة أصلاء، أنقياء.. لقد وضحت للجماهير كم هو كبير الفرق بين ثورة وطنية وقومية، تمتلك بوصلة فكرية وسياسية صافية، وترسم أهدافها طليعة ثورية، متمرسة، منظمة ومجربة بالوطنية والتضحية، وبين ثورة شعبية تختطفها عصابات تابعة لأجندات دولية، أو تركب موجتها قوى ظلامية تفتقد الرؤية والمشروعية فتتحول الأوطان بسببها، أو في ظل حكمها إلى فوضى طاحنة، لا تبقي ولا تذر.

ففي ثورتك، سيدي شعب العراق البطل، رأينا قيادات نزيهة توجه هذه الثورة وتعصمها من الانحراف عن أهدافها الوطنية والقومية، وتعمل بإخلاص على تجنب الوقوع في الفتن المحطمة للأوطان، برغم أن النظام القائم في العراق هو صنيعة مباشرة لاحتلال أجنبي غاشم.. أما في أقطار عربية أخرى، فقد ثار الشعب العربي وقدم التضحيات، ولكن ثورته سرقتها قوى غوغائية تمتلكتها شهوة المال وشهية السلطة؛ ورأينا كيف أنها لا ترقب في الشعوب إلاًّ ولا ذمة، وما يهمها هو إرضاء قوى الاستعمار والاستيلاء على كل شيء من حطام الدنيا! فكانت النتيجة فتن، وتحطيم، واغتيالات أو استبداد.. فتحطمت الأوطان، وسرقت ثورات الشعب في أقطار، وأجهضت في أقطار أخرى، سيدي شعب العراق البطل، كل الأطفال في الوطن العربي يدركون عظمة ثورتك؛ ويفتخرون بتميز قياداتك في مواجهة غلاة الطائفية، الذين لا يدخرون جهدا في جر هذه الثورة العظيمة إلى أتون الفتنة، عبر فضائيات الرجعيات العربية وأبواق ملالي إيران الفارسية، وعميلها، المالكي.

كل الأطفال - يا سيدي - يدركون كيف انكفأت فضائيات الرجعية العربية عن تغطية ثورتك بعدما يئست من جرها نحو الطائفية المقيتة، وباتت لا تذكر هذه الثورة العظيمة في نشراتها إلا بعد ما تذكر أخبارا عن الفيلة في تايلاند (عددها، ومعاناتها!) وبعد أن تأتي بخبر عن تفجير انتحاري سلفي لنفسه، أصيب بسببه جندي مالي في منطقة "أزواد"!!

سيدي شعب العراق البطل، أملنا نحن الجيل العربي الجديد أن تواصل هذه الثورة المباركة، وأن تحرسها من الطائفيين المندسين، وأن لا يضيق صدرك مما يقوله بعض النخب العربية، التي ذبل في بعضها الضمير القومي والإنساني، وبعضها مأجور، وبعض آخر يعوي مع العاوين، لا يدري شرقا من غرب، ولا يهتدي سبيلا!.. وقسم كبير منها تتقلب أفئدتهم، لا إلى هؤلاء ، ولا إلى هؤلاء.

سيدي شعب العراق البطل، أنت ، الموئل، بعد الله، والحصن الحصين لهذه الأمة وتطلعات أبنائها... ووالله إنه لينطبق عليك قول عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف في مدحه للقائد العربي، سيف بن ذي يزن؛ إذ يقول: << إن الله قد أحلك محلا رفيعا، صعبا منيعا، باذخا شامخا، وأنبتك منبتا طابت أرومته، وعزت جرثومته، ونبل أصله وبسق فرعه في أكرم معدن، وأطيب موطن، فأنت – أبيت اللعنة – رأس العرب وربيعها الذي تخصب وعمودها الذي عليه العماد ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد، سلفك خير سلف، وأنت لنا بعدهم خير خلف، ولن يخمل من أنت سلفه...>>.

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122